قوله تعالى: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين 221 تنزل على كل أفاك أثيم 222 يلقون السمع وأكثرهم كاذبون 223 والشعراء يتبعهم الغاوون 224 ألم تر أنهم في كل واد يهيمون 225 وأنهم يقولون ما لا يفعلون 226 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون 227}
  ومتى قيل: أليس منعوا من استراق السمع فقال سبحانه: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ}؟
  قلنا: منعوا من القرآن، فيجوز أن يستمعوا إلى كلام آخر، وقيل: تقديره: كانوا يلقون السمع قبل أن منعوا منه.
  «وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ» قيل: الشياطين يخلطون الكذب بما يسمعون ويلقون إلى الكهنة، وقيل: الكهنة كاذبون «وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ» قيل: تتبعهم الشياطين، عن ابن عباس. وقيل: غواة قومه، وقيل: الرواة، وقيل: كفار الإنس والجن، واختلفوا في هَؤُلَاءِ الشعراء، قيل: هم شعراء الكفار: كعبد اللَّه بن الزبعري، وأبي عزة، وأمية بن أبي الصلت، كانوا يهجون رسول اللَّه ÷ والمسلمين فيتبعهم الغواة، وقيل: من غلبت عليه الأشعار حتى يشتغل بها عن القرآن والسنة، وهو الوجه، ولذلك قال: {فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ}، فأما الأولون كفار «أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ» قيل: أراد أودية حقيقة الوادي، وقيل: أراد وادياً من أودية الكلام، وقيل: أراد به المذاهب المختلفة فهو مثل قوله ÷ لعائشة: «أنتِ في وادٍ وأنا في وادٍ»، «يَهِيمُونَ» أي: يذهبون، قيل: في كل لغو يخوضون، عن مجاهد. يعني حسناً وقبيحاً «وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ» من الغزل والمدح والذم «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» وهم شعراء المؤمنين كحسان بن ثابت، وعبد اللَّه بن رواحة، وكعب بن مالك «وَذَكَرُوا اللَّه كثِيرًا» لم يشغلهم الشعر عن ذكر اللَّه «وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا» أي: ردوا على المشركين فيما هجوا به، وانتصروا لأنفسهم وللمسلمين بما جاءوا به، وقيل: انتصروا للرسول، وروي أن النبي ÷ قال لحسان: «أجب عني، اللَّهم أيده بروح القدس»، رواه أبو هريرة.
  «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا» قيل: أشركوا، وقيل: ظلموا أنفسهم والناس «أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» هذا مبالغة في وعيد الظلمة، أي: سوف يعلمون أي مرجع يرجعون بعد مماتهم، وعن شريح: الظالم ينتظر العقاب والمظلوم ينتظر النصر.
  · الأحكام: تدل الآيات أن الشياطين لا يقبل منهم الأنبياء وإنما يقبل منهم الضُّلَّال.
  وتدل على ذم الشعراء، والمراد من غلب عليه الشعر في كل نوع دون مَنْ قال