قوله تعالى: {طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين 1 هدى وبشرى للمؤمنين 2 الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون 3 إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون 4 أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون 5 وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم 6 إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون 7}
  «يَعْمَهُونَ» يتحيرون، ويترددون في الحيرة «أُولَئِكَ» مَنْ تقدم ذكرهم «الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ» قيل: القتل والأسر يوم بدر، وقيل: عذاب الاستئصال، وقيل: عذاب القبر، والمراد بالسوء الشدة والصعوبة {وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} بحرمان الثواب، ودخول النار.
  ثم بَيَّنَ أن اللَّه تعالى هو الذي أعطاه القرآن، فقال سبحانه: «وَإنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ» قيل: تُعْطَى، وقيل: يلقى إليك؛ يعني ينزل عليك «مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ» أي: من جهته تعالى.
  ثم بيّن أنه كما أنزل عليه القرآن أنزل النور على موسى، فقال سبحانه: «إِذْ قَالَ مُوسَى لأهلِهِ» لامرأته ومن كان معه ليلة ذهابه من مدين إلى مصر وخروجه إلى الطور «إِنِّي آنسْتُ نَارًا» أي: رأيت فامكثوا مكانكم «سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ» بشعلة نار منها، يعني آتيكم بخبر الطريق أو بشعلة من النار «لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ» تستدفئون، وإنما أدخل حرف التخيير «أَوْ آتِيكُمْ»؛ لأنه جوز أن يجد عند النار من الخبر ما يستغني عن حمل الشهاب.
  الاحكام
  يدل وصف القرآن بأنه هدى وبشرى ومبين على أشياء:
  منها: أنه بَيِّنُ الأحكام.
  ومنها: أنه مُحْدَثٌ.
  ومنها: كونه مستقلاً في الدلالة، فيبطل قول من يتوقف في معانيها.
  ومنها: وجوب النظر.
  ومنها: أن الهدى الدلالة خلاف ما تزعمه الْمُجْبِرَة أن الهدى الإيمان.
  وتدل أن مجرد القول لا يكفي في استحقاق الجنة، ما لم ينضم إليه الاعتقاد والعمل.
  ويدل قوله: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى} أي القرآن على أنه فعله، وأنه محدث.