قوله تعالى: {طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين 1 هدى وبشرى للمؤمنين 2 الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون 3 إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون 4 أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون 5 وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم 6 إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون 7}
  أولها: أنه اسم للسورة، عن الحسن، وأبي علي.
  والثاني: أنها إشارة إلى أن القرآن من هذه الحروف، ويتكلمون بها، ولا يقدرون على مثلها، فيعلم أنه معجز، ليس من كلام بشر، عن أبي مسلم.
  وثالثها: إشارة إلى أن القرآن مؤلف من هذه الحروف، فيعلم أنه محدث، عن أبي بكر الزبيري.
  ورابعها: أن كل حرف منها مأخوذ عن اسم، فالطاء من لطيف، والسين من سميع، عن ابن عباس وجماعة.
  «تِلْكَ» قيل: إشارة إلى الحروف، وقيل: إلى السورة «آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكتَابٍ مُبِينٍ» جمع بين صفتي الكتاب مختلفتي المعنى، والكتاب: المكتوب، والقرآن المجموع، ومعنى «مبين» قيل: يبين الأحكام والشرائع والمواعظ والأدلة «هُدًى» دلالة على الأحكام «وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ» وخصهم بالذكر؛ لأنهم ينتفعون بها، ولأن البشرى لهم.
  ثم وصف المؤمنين، فقال: «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ» قيل: يديمونها، وقيل: يقيمونها، وقيل: يؤدونها في أوقاتها بشرائطها «وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ» أي: يؤدونها إلى من يستحقها «وَهُمْ بِالآخِرَةِ» أي: بالنشأة الآخرة والجزاء والبعث «هُم يُوقِنُونَ» لا يشُكّون فيه «إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [بِالآخِرَةِ]» لا يصدقون بالبعث «زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ» اختلفوا في موضعين:
  أحدهما: التزيين بماذا.
  والثاني: ما الأعمال التي زينها.
  أما الأول: فقيل: بإقامة الأدلة والوعد والوعيد، وقيل: بالأمر والنهي، وقيل:
  بالألطاف.
  وأما الثاني: قيل: أعمالهم ما أمرهم بها من الطاعات زينها لهم وأمرهم بها فخالفوا، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم. وقيل: أعمالهم القبيحة زينها لهم بالشهوة ليجتنبوا، «فَهُمْ يَعْمَهُونَ» عن هذا المعنى، قال القاضي: وهذا يبعد؛ لأن الشهوة لا تكون تزيينًا، والأوجه ما ذكره أبو علي.