قوله تعالى: {ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين 15 وورث سليمان داوود وقال ياأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين 16 وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون 17 حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة ياأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون 18 فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين 19}
  {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ} جزم؛ لأنه جواب الأمر، إلا أنه أدخل عليه نونًا ثقيلة للتأكيد.
  · المعنى: ثم عطف على قصة موسى بقصة داود وسليمان @، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ آتَينَا» أعطينا «دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا».
  ومتى قيل: فما الفائدة في ذكر هذه القصص وتكرارها؟
  قلنا: وجوه:
  منها: ليعلم أنه كأحدهم.
  ومنها: تسلية له في أذى قومه.
  ومنها: ليبين أخبارهم معجزة له مع أنه لا يقرأ ولا يكتب.
  ومنها: أن ينذر قومه ما نزل بأولئك.
  ومنها: ما في ذكرهم من الخير والبركة.
  ومنها: ليقتدي بهم.
  «وَلَقَدْ» تأكيد للكلام، وذِكْرُ العِلْمِ يبين عن تفخيم شأنه، قيل: هو علم التوحيد وسائر أمور الدين، وقيل العلم بالشرائع، وقيل: القضاء بين الخلق، وقيل: كلام الطير، وقيل: صُنْعهُ الدروع، وقيل: الكتب كالزبور، ولا تنافي بين الجميع فيحمل عليها «وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ» بالنبوة والمعجزة والملك «وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ» نبوته وعلمه وملكه دون سائر أولاده، وكان لداود سبعة عشر ولدًا ذكَرًا، والمراد به: قام مقامه في ذلك، فشبهه بالميراث، كما أطلق اسم الإرث على الجنة تشبيهًا، عن أبي علي. وقيل: ورثه المال، عن الحسن. والأول الوجه للخبر الظاهر: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث».
  ثم قال سليمان مظهرًا لنعم اللَّه تعالى وشاكرًا: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيرِ»