التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال ياأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين 38 قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين 39 قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم 40 قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون 41 فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين 42 وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين 43 قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين 44}

صفحة 5432 - الجزء 8

  سليمان: أُرِيد أسرع من هذا «قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ» اختلفوا فيه على قولين، قيل: كان من الملائكة، وقيل: من الإنس، فمن قال. بالأول اختلفوا، قيل: هو جبريل، وقيل: مَلَكٌ أيد اللَّه به نبيّه سليمان، ومن قال بالثاني اختلفوا، قيل: هو الخضر، وقيل: آصف وزير سليمان، وكان صدِّيقًا يعلم الاسم الأعظم إن دعا به أجيب، عن ابن عباس. وقيل: رجل من الإنس كان يعلم اسم اللَّه الأعظم، عن قتادة. وقيل: كان رجلاً صالحًا في جزيرة من [جزائر]، البحر فخرج ذلك اليوم ينظر [من ساكن الأرض؟ وهل يعبد اللَّه ø أم لا يعبد؟ فوجد]، سليمان #، فدعا [باسم من أسماء اللَّه فإذا هو بالعرش حُمل فأتى به سليمان قبل أن يرتد إليه طرفه]، عن ابن زيد. وقيل: بل هو سليمان، عن محمد بن المنكدر، وأبي علي، والقاضي، وهو الصحيح؛ لأنه صاحب المعجزة، وهو الذي أعطي الكتاب وعلمة «أَنَا آتِيكَ بِهِ» من يقول: إنه غير سليمان يقول: المخاطب سليمان، ومن يقول: إنه سليمان، يقول: المخاطَب العفريب الذي كلمه، وأراد سليمان إظهار معجزة فتحداهم أوّلاً، ثم أظهر المعجزة، واختلفوا فيما دعا به، قيل: «قال: يا حي يا قيوم»، عن عائشة مرفوعًا. وقيل: قال: إلهنا وإله كل شيء لا إله إلا أنت، عن الزهري. وقيل: يا ذا الجلال والإكرام، عن مجاهد. «قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ» قيل: أراد المبالغة في السرعة، عن مجاهد. وقيل: قبل أن يرجع إليك ما يراه طرفك، عن قتادة. أي: قبل أن يأتيك الشخص [من] مدِّ البصر، وقيل: تمد عينك فلا ينتهي طرفك إلى مرآه حتى آتيك به، عن وهب. وقيل: قبل أن تفتح طرفك وتطرف، وقيل: أراد قبل الوقت الذي تنتظر وصوله إليك، عن أبي مسلم. «فَلَمَّا رَآهُ» يعني رأى سليمان العرش «مُسْتَقِرًّا» محمولاً إليه من اليمن موضوعًا بين يديه، قيل: حمل إليه من اليمن إلى الشام في مقدار رَجع البصر، وقيل: شقت عنه الأرض فظهوره لسليمان معجزة، وقيل: غاب في نفق من الأرض وخرج من نفق في الأرض عند سليمان، وقد قال مشايخنا: يجوز فيه ثلاثة أوجه:

  أحدها: أن تحمله الملائكة بأمره تعالى.