قوله تعالى: {قال ياأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين 38 قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين 39 قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم 40 قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون 41 فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين 42 وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين 43 قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين 44}
  وثانيها: أن تحمله الريح.
  وثالثها: أن يخلق فيه تعالى حركات متواليات.
  وقيل: فيه وجه رابع: أنه أعدمه في ذلك البيت وأعاده في مجلس سليمان، وهذا يصح على مذهب أبي علي حيث يجوز فناء بعض الأجسام دون بعض، فأما عند أبي هاشم فلا يجوز.
  «قَالَ» سليمان «هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ»؛ لأن نفعه يعود عليه «وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ» أي: غني عن شكر الشاكرين، كريم بالإنعام على من لا يشكر نعمه، ومعنى «لِيَبْلُوَنِي» يكلفني.
  ومتى قيل: إن كان الذي جاء بالعرش آصف أو غيره فما بال سليمان يشكر؟
  قلنا: الصحيح أنه سليمان، وقيل: شكر ليكون مثله في أمته، ولأنه معجزة لسليمان.
  «قَالَ» سليمان «نَكّرُوا لَهَا عَرْشَهَا» قيل: غيروا هيئة السرير ننظر هل تهتدي أم لا؟، وقيل: كان العرش عظيمًا فأراد سليمان أن يريها قدرة اللَّه ومعجزة نبوته لِتُسْلِمَ، وكانت من المجوس، وقيل: قُدِّمَ وأخر وزيد ونقص، وقيل: بل تُرِكَ كما كان وعرض عليها، وكان عندها أن سريرها في بيتها موكل به الثقات «نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي» إلى أنه عرشها «أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ» من الجاهلين بذلك، وقيل: أتهتدي، أي: تستدل فتهتدي إلى الحق «أَمْ تَكُونُ» ممن لا يتفكر ولا يهتدي، عن أبي علي. «فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ» فنظرت فيه ف {قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} فلم تُقِرَّ ولم تنكر، فعرف سليمان كمال عقلها «وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا» قيل: هذا من قول سليمان، عن مجاهد. يعني: أوتينا العلم بِاللَّهِ وقدرته على ما يشاء من قَبْلِ هذه المرأة «وَكُنَّا مُسْلِمِينَ»، وقيل: أوتينا العلم بإسلامها، ومجيئها طائعة قبل مجيئها «وَكُنَّا مُسْلِمِينَ»، وقيل: هو من كلام قوم سليمان، عن أبي علي. على معنى: وأوتينا العلم بِاللَّهِ ودينه من قبل هذه المرأة وأمرها، وقيل: هذا من قول بلقيس لما رأت عرشها عند سليمان قالت: وأوتينا العلم بنبوة سليمان [من قبل ظهور هذه المعجزة أو من قبل هذه الحالة] بالآيات المتقدمة قبل هذه الآية وذلك بعثه الرسل والهدهد، عن أبي مسلم. وقيل: هذا من كلام بلقيس