التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون 54 أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون 55 فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون 56 فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين 57 وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين 58 قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون 59}

صفحة 5442 - الجزء 8

  قلنا: لما ذكر شركهم وهلاكهم بسببه بين أن المستحق للعبادة هو وحده.

  · المعنى: ثم ذكر قصة لوط عطفًا على ما تقدم، فقال سبحانه: «وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ» أي: القبيح الشنيع، وهو إتيان الرجال «وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ» قيل: تبصرون أنها فاحشة، وقيل: وأنتم ذوو رأي، وليس هذا فِعْلَ مَنْ له رأيٌ وتمييز، عن أبي مسلم، وأنكر أن يكون المراد رؤية البصر. وقيل: المراد به رؤية البصر، أي: يرى ذلك بعضكم من بعض، يفعلون عَدْوًا وتمردًا، عن أبي علي.

  ثم فسر الفاحشة: «أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» الحق، قيل: تجهلون ما فيه من العقوبة «فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ» قيل: عن إتيان الرجال في أدبارهم، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. يعني: إذا تطهروا من ذلك لا يريدون مجاورتكم فأخرجوهم، قيل: قالوا استهزاءً، وقيل: معناه: يطلبون أطهار النساء؛ أي: الوطء في حال الطهر، عن أبي مسلم. «فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ» أي: لوطًا ومن آمن به «إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا» قضينا عليها، وقيل: كتبنا عليها أنها «مِنَ الْغَابِرِينَ» الباقين في العذاب؛ لأنها شاركتهم في الشرك، ورضيت بفعلهم «وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا» وهو الحجارة، قيل: مُطِرُوا ثم جيَّفوا، وقيل: مُطِرَ القليبُ، وخُسِف الحاضرون في المدينة فهم يهوون إلى يوم القيامة، عن الحسن. «فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ» أي: الكفار، و «قُلْ» الخطاب للوط، وقيل: للنبي ÷، ويحتمل لكل من سمع. «الْحَمْدُ لِلَّهِ» قيل: على إهلاك كفار الأمم، وقيل: على ما علمتك من هذه الأمور، وقيل: على نعمه دينًا ودنيا «وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى» أي: اختار، قيل: هم الأنبياء؛ أي: اصطفاهم لرسالته، عن مقاتل. وقيل: هم أصحاب محمد، عن ابن عباس، والحسن، وسفيان. وقيل: الأنبياء والمؤمنون الَّذِينَ خصهم بالنجاة، عن الحسن. «آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ» أي: أنه خير في أن يعبد أم الأصنام؟ عن ابن عباس. وهذا استفهام والمراد