قوله تعالى: {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون 54 أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون 55 فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون 56 فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين 57 وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين 58 قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون 59}
  أن عبادته وهو الإله الذي ينفع ويضر خير من عبادة حجر، لا ينفع ولا يضر، فهو تقرير، وروي أن النبي ÷ كان يقول عنده: «بل الله خير وأبقى، وأجل وأكرم».
  · الأحكام: تدل قصة لوط على نجاة المؤمنين، وهلاك الكافرين، وأن امرأته فيمن هلك.
  ومتى قيل: ما الفائدة في تكرير هذه القصص؟
  قلنا: القرآن نزل في ثلاث وعشرين سنة، فكل قصة في مقام آخر، فلا يعد تكرارًا، وقيل: لأنها تتضمن من عجيب الفصاحة ما يدل على إعجاز القرآن، فإن الواحد منا إذا ذكر قصة مرتين انحدر كلامه إلى الدرجة الأخيرة، والله تعالى كرر هذه القصص في مواضع بألفاظ عجيبة، وهذا من عظيم الفائدة.
  ويدل قوله: «وأمطرنا» أن في القرآن مجازا؛ لأنه سمى الحجارة مطرًا.
  ويدل قوله: «وسلامٌ» أنه يجوز السلام على المؤمنين كما يجوز على الأنبياء، فبين عن عظم درجة المؤمنين.
  ويدل قوله: {آللَّهُ} أنه المستحق للعبادة. والعباد الَّذِينَ اصطفاهم الَّذِينَ يقولون:
  اللهُ خيرٌ؛ لأنهم أهل عدول وهم أهل التوحيد والعدل دون أهل الجبر لوجوه:
  منها: أن الله تعالى عندهم خير للخلق من كل شيء؛ لأنه مأمول خيره مأمون شره، لا يفعل إلا ما فيه صلاحهم وهو الخير والصلاح، وعند الْمُجْبِرَة الأصنام خير؛ لأن عندهم يُؤْمَنُ شرهم، والله لا يؤمن شرّه عندهم؛ لأنه يفعل جميع القبائح، ويخلق الكفر، ويعذب بغير ذنب.
  ومنها: أن عندهم من عبد الله استحق الجنة ولا يعاقبه ألبتَّة، وعند الْمُجْبِرَة يجوز أن يدخل النار ويعذبهم أبدًا ويدخل الفراعنة الجنة.
  ومنها: أنه قال: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ}، وعندهم أنه تعالى يجيبهم يكفي أمرهم ويفعل بهم ما هو أصلح، وعند الْمُجْبِرَة هو الذي أوقعهم في هذه المضار والشرور.