التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون 82 ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون 83 حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون 84 ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون 85 ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون 86}

صفحة 5457 - الجزء 8

  وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: {أَنَّ النَّاسَ} بفتح ألف (أنَّ) على تقدير: بأن، وقيل: لأجل أن، وقرأ الباقون بالكسر على الابتداء.

  · اللغة: الدابة: ما يدبَّ على الأرض، دَبَّ دبيبًا: إذا مشى، وكل ما يدب على الأرض دابة، ومنه: ما بالدار دُبِّيٌّ، وناقة دَبُوبٌ: لا تكاد تمشي لكثرة لحمها، إنما تَدِبُّ، وفي الحديث: «ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحَوْأب»، قيل: أراد الأَدَبّ فأظهر التضعيف، والأَدَبُّ: الكثير الوبر.

  والفوج: الجماعة من الناس، والجمع: أفواج، وجمع الجمع: أفاَوِجُ وأفاويج، وأفاج الرجل: أسرع، ومنه الفجّ.

  والوزع: أصله المنع، ومنه: لا بد للناس من وَزَعَةٍ، وهم الَّذِينَ يزعون بعضهم من بعض، الواحد: وازع، ومنه: «ما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن».

  والمُبصِر: الذي يبصر، أبصر فهو مُبصِر، فأما وصف النهار بأنه مبصر ففيه وجهان:

  أحدهما: بمعنى ذو إبصار، كقوله: {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ}⁣[الحاقة: ٢١] أي: ذات رضًا، قال النابغة:

  كِليْني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ أي: ذو نَصبٍ.

  وثانيهما: لأنه يريك الأشياء كما يراها من يبصرها، وقال أبو علي: لأنه يُبْصَرُ فيه فسمي مبصرًا توسعًا، وكما يقال: ليل نائم، أي: يُنَامُ فيه.