التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون 82 ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون 83 حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون 84 ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون 85 ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون 86}

صفحة 5458 - الجزء 8

  · الإعراب: الواو في قوله: {وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا} قيل: واو الحال، أي: جحدهم في حال الجهل، وقيل: واو العطف؛ أي: كذبوا ولم يعلموا حقها.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى علامات القيامة، فقال سبحانه: «وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ» قيل: وجب العذاب والوعيد عليهم، وقيل: «وَقَعَ القَوْلُ عَلَيهِمْ، بأنهم صاروا بحيث لا [يفلح] أحد منهم، ولا أحد [بسببهم]، فحينئذ يؤخذون، وقيل: إذا وقع ما أخبر الله أنه يقع، ثم قربت الساعة، وقيل: «وَقَعَ القَوَلُ» عبارة عن انقطاع الحجة حتى لا يبقى لهم عذر، وقيل: «وَقَعَ القَوْلُ» توجهت اللائمة عليهم من كل وجه، وقيل: لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر، عن ابن عمر، وعطية. «أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ» قيل: تخرج بين الصفا والمروة فتخبر المؤمن بأنه مؤمن والكافر بأنه كافر، ويرتفع التكليف، ولا تقبل التوبة، وهو عَلَمٌ من أعلام الساعة، وقيل: لها ثلاث خرجات: خَرْجَة بمكة، وخرجة بالمدينة، وخرجة قريبًا من مكة. وقيل: تخرج في صدع في الصفا، عن ابن عمر. وقيل: من المسجد الحرام. وقيل: تخرج أيام التشريق. وقيل: تشرف على جميع الناس، عن أبي علي. وقيل: تظهر عند مسير الناس إلى مِنىً من جَمْع، عن ابن عمر. وقيل: لا يبقى منافق إلا خطمته ولا مؤمن إلا صحبته، وقيل: لا تزال تخرج ثلاثة أيام حتى تبلغ السحاب. وقيل: طولها ستون ذراعًا؛ لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب، معها خاتم سليمان وعصا موسى تكتب بين عيني المؤمن أنه مؤمن، وبين عيني الكافر أنه كافر، روي ذلك مرفوعا. وقيل: يمس رأسها السماوات، عن عبد الله بن عمر. وليس في الظاهر إلا أن دابة الأرض تخرج. وقيل: تصرخ صرخة إلى المشرق، والأخرى إلى المغرب، وأخرى إلى الشام، وأخرى إلى اليمن، فينفذ صوتها إلى هذه المواضع، وتكون [معها] عصا موسى وخاتم