قوله تعالى: {ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين 14 ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين 15 قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم 16 قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين 17 فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين 18 فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال ياموسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين 19 وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين 20}
  حِزْقِيل مؤمن آل فرعون، كان ابن عم فرعون، وقيل: بل رجل اسمه شمعون، وقيل: شمعان «يَسْعَى» يسرع في المشي لينذره، عن الكلبي. وقيل: يمشي على رجله، عن مقاتل. «قَال يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ» أي: الأشراف من قوم فرعون، وقيل: أراد أولياء المقتول، وقيل: أراد فرعون، والصحيح أنه فرعون وملؤه «يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ» قيل: يتشاورون في قتلك، وقيل: يأمر بعضهم بعضًا بقتلك «فَاخْرُجْ» من أرض مصر، وقيل: من المدينة «إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ» في هذا.
  · الأحكام: يدل قوله: {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} أنَّه علم الدين قبل النبوة.
  ويدل قوله: {فَوَكَزَهُ مُوسَى} على وجوب نصرة المؤمن وصلابة موسى في دين الله؛ لأنه رأى القبطي ينصر الكفر متعصبًا لفرعون.
  ويدل قوله: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} أنه كان ذنبًا، وإن كان صغيرة.
  ويدل أنه لم يكن خلقًا لله تعالى فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ؛ لأنه لو خلق فيه ذلك، وخلق في الشيطان الدعاء إليه؛ فالإضافة إليه أولى منهما.
  ويدل قوله في صفة الشيطان: {إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ} أنه تعالى لا يُضِلّ لوجهين:
  أحدهما: أن الضلال لو كان خلقًا له لما كان الشيطان مضلاً.
  ومنها: أنه ذم الشيطان بأنه مُضِلّ فكيف يُضِلّ هو.
  ويدل قوله: {إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} على مواقعة صغيرة، وأنه فعله ليس بخلق لله تعالى.
  ويدل قوله: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا} أنه لا يجوز معاونة الظلمة.