قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم 173}
  الأصل، ولكن دفع الحرج لأجل الضرورة «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» قيل: يستر بالرخصة ما لولا الضرورة لكان منكشفًا ولِرَحْمَته جَوَّزَ تناوله. وقيل: غفور رحيم لمن كان يُحِلُّ
  ما حرم اللَّه، أو حرم ما أحل اللَّه، ثم تاب وتلافَى رُحِمَ بقبول توبته. وقيل: غفور للناس رحيم بالمؤمنين.
  · الأحكام: الآية تدل على تحريم هذه الأشياء، والتحريم والتحليل وإن كان لا يتعلق بالأعيان في الأصل، وإنما يتعلق بأفعالنا فبالعرف يقيد التصرف في العين، فإذا علق بها التحريم أفاد حظر التصرف.
  وتدل على تحريم الميتة، وهي وإن كانت في اللغة عينا خرجت من كونها حية من دون قتل ونَقْضٍ بِنْيَة فهو في الشرع اسم لما لا ذكاة حصلت فيه؛ ولذلك عد ذبيحة المجوس ميتًا وإن حصل الذبح، ولا تسميه أهل اللغة ميتة، والذي يقتضيه الظاهر تحريم الميت.
  واختلفوا هل يدخل في قوله: «الميتة» اللحم أو ما سواه كشعرها وصوفها وعظمها، قال أبو حنيفة: لا يدخل؛ لأنه لم يكن فيه حياة، وقال الشافعي: يدخل لأنه كان ينمو بنمائه، فأما البيض فبالاتقاق لا يحرمه واللبن على الخلاف.
  واختلفوا في الجلد إذا دبغ، فالأكثر على أنه يحل الانتفاع به، ومنهم من قال: لا يحل، وتفصيل ذلك موضعه كتب الفقه.
  واختلفوا في الموت هل هو معنى أم لا؟، وقد مر ذلك.
  وتدل الآية على تحريم الدم، ثم اختلفوا فقيل: المراد به الدم المسفوح؛ لأنه قال في موضع آخر: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} وهو قول أصحاب أبي حنيفة، وقيل: هو عام في كل دم، وهو قول الشافعي، واختلفوا في دم السمك، فقال أصحابنا: طاهر لأنه مأكول بدمه، وقال الشافعي: نجس للطاهر.
  وتدل على تحريم لحم الخنزير وهو حيوان معروف، ثم اختلفوا في خنزير الماء، فحرمه أصحابنا للظاهر، وأباحه الشافعي، ولا خلاف في نجاسته ونجاسة