قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم 173}
  وقيل: غير باغ في الإفراط ولا عاد في التقصير، عن الزجاج.
  وقيل: غير باغ على إمام المسلمين من البغي، ولا عاد بالمعصية أي مجاوزة طريقة المحقين واتباع غير سبيلهم، عن مجاهد وسعيد بن جبير.
  والوجه الأول؛ لوجوه:
  منها: أنهم أجمعوا أن قتل النفس والتعريض للقتل لا يجوز، ولو لم يُبَحْ ذلك للمسافر، وإن كان في معصية لكان معرضًا نفسه للقتل.
  ومنها: أن الرخصة لأجل المجاعة لا لأجل الحرج، فمتى وجد السبب وجد المسبب، وهو الحل.
  ومنها: أن الذي تقدم ذكر الأكل دون السفر، والشرط كالاستثناء يتعلق بالمذكور، فقوله: «غَيرَ بَاغٍ وَلاَ عادٍ» يجب أن يتعلق بالأكل.
  ومنهما: أن الرخصة للضرورة بدليل أن المقيم كالمسافر فيه، فوجب في الشرط أن يتعلق به.
  ومنها: أن للعاصي دفع التلف عن نفسه بما أمكن كالمطيع، وكذلك في أكل الميتة.
  ومنها: إذا كان له دفع ضرر العقاب عن نفسه بالتوبة كان له دفع الهلاك عن نفسه بالأكل.
  ومنها: أجمعنا أن له أن يقتل الجمل الذي صال عليه دفعًا عن نفسه، كذلك أكل الميتة.
  ومنها: أن أكثر المفسرين عليه.
  ومتى قيل: كيف يصح البغي في الأكل؟
  قلنا: إذا طلب التلذذ بالأكل فقد صار طالبًا ما ليس له، ولو وجد غيره فعدل إليه صار باغيًا، ولو تزود للمستقبل كان باغيًا في أكله، فأما كونه عاديًا فإذا تجاوز الحلال إلى الحرام فهو عادٍ، وإذا زاد على قدر الحاجة كان عاديًا.
  «فَلاَ إِثْمَ عَلَيهِ» يعني لا حرج عليه فذكر هذا اللفظ ليبين أنه ليس بمباح في