التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين 21 ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل 22 ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير 23 فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير 24 فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين 25}

صفحة 5485 - الجزء 8

  ذاد [الشياه]: أمالها عن المشي، يذودها ذَوْدًا: إذا حبسها عنه ومنعها، والذَّوْدُ من الإبل من الثلاث إلى العشر، وقال أبو عبيد: ما بين الثلاثين إلى التسعين من الإناث دون الذكور.

  واحد الرِّعاءِ: راعٍ، مثل: تاجر وتجار، ويجمع: رعاة ورُعُيَانٌ.

  · الإعراب: {مَدْيَنَ} لا ينصرف؛ لأنه اسم بلدة، قال الشاعر:

  رُهْبَانُ مَدْيَنَ لَوْ رَأَوْك تَنَزَّلُوا

  واللام في قوله: {لِمَا أَنْزَلْتَ} بمعنى (إلى)، عن قطرب. يقال: احْتَجْتُ له، واحتجت إليه.

  {فَقِيرٌ} خبر (إنَّ)، والاسم في الياء.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى خروجه من مصر إلي مدين، فقال سبحانه: «فَخَرَجَ» موسى «مِنْهَا» من المدينة «خَائِفًا» من فرعون وقومه أن يأخذوه ويقتلوه بالقبطي «يَتَرَقَّبُ» ينتظر الطلب، عن قتادة. «قَال رَبِّ نَجِّنِي» خلصني «مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» يعني: فرعون وقومه. «وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ» أي: أقبل بوجهه على ناحية مدين قاصدًا لها خارجًا عن سلطان فرعون. وقيل: لما خرج من مصر لم يَدْرِ أين يذهب، فأخذ في طريق عنده أنه يؤديه إلى مدين وهو مدينة شعيب، وقيل: نسب إلى مدين بن إبراهيم. «قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ» يعني: وسط الطريق المستقيمة المؤدي إلى النجاة، وقيل: يهديني المحجة إلى مدين. قيل: خرج بغير زاد لا يأكل إلا حشيش الصحراء حتى بلغ مدين، وقيل: خرج حافيًا، فما وصل إلى مدين حتى وقع خف قدمه، عن