قوله تعالى: {فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين 21 ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل 22 ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير 23 فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير 24 فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين 25}
  سعيد بن جبير. وقيل: لما دعا ربه استجاب له ودله على الطريق حتى «وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ» بئر كانتْ لهم «وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ» أي: جماعة يسقون مواشيهم «وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ» أي: تحبسان وتمنعان أغنامهما، عن السدي. وقيل: تذودان الناس عن مواشيها، عن قتادة. وقيل: تكفان الغنم أن تختلط بأغنام الناس، عن الحسن. فترك ذكر الغنم اختصارًا، وقيل: تمنعان غنمهما عن الماء حتى يصدر الناس ويخلو لهما البئر، ثم تسقيان مواشيهما لضعفهما، وهو الوجه «قَالَ» موسى لهما «مَا خَطْبُكُمَا» أي: شأنكما لا تسقيان مع الناس، عن ابن إسحاق. «قَالتَا لاَ نَسْقِي» عند المزاحمة مع الناس «حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ» بيَّنَّا القراءتين ومعناهما، أي: ينصرف الناس، قيل: قالتا: لا نفعل ذاك لئلا نختلط بالرجال، عن أبي مسلم. وقيل: لا نطيق السقي، فننتظر فضول الماء، فإذا صدروا سقينا مواشينا من فضول الحوض، عن ابن عباس، وقتادة، وابن إسحاق. «وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ» قيل: سألهما ألَيْس لهما أحد يكفيهما ذلك؟ فقالتا: أَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، أي: هرم لا يقدر أن يتولى ذلك بنفسه. واختلفوا في هذا الشيخ، فقيل: هو شعيب، عن مجاهد، والضحاك، والسدي. وقيل: لا؛ بل رجل مسلم قَبِلَ الدين من شعيب، ومات شعيب قبل ذلك، عن الحسن. وقيل: هو ابن أخي شعيب. عن وهب وسعيد بن جبير قالا: ومات شعيب قبل ذلك بعد ما كف بصره، فدفن بين زمزم والمقام، فلما سمع قولهما رحمهما. «فَسَقَى لَهُمَا» قيل: رفع لهما حجرًا عن بئر آخر لا يقدر على رفعه إلا عشرة رجال، ثم استقى لهما، عن شريح. وقيل: إنه [زَحَمَ] القوم عن الماء حتى أخرهم عنه، ثم سقى لهما، عن ابن إسحاق. «ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ» قيل: ظل شجرة، عن السدي وغيره. «فَقَال رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ» أي: إلى ما أنزلت إليَّ «مِنْ خَيرٍ فَقِيرٌ» قيل: أَدْرَكَهُ جوع شديد، فسأل الخبز، عن ابن عباس. وقيل: سقى لهما، وهو محتاج إلى شق تمر «فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا» في الكلام حذف يدل عليه ما بقي، أي: فلما رجعا إلى أبيهما قبل الناس قال لهما: ما أعجلكما؟ فقصتا عليه القصة، فقال لإحداهما: اذهبي فادْعِيهِ، «فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ» قيل: تستحيي من موسى، عن أبي علي. وقيل: مستترة بكم