التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين 21 ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل 22 ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير 23 فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير 24 فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين 25}

صفحة 5487 - الجزء 8

  درعها، عن عمر. وقيل: سترت وجهها بيدها، عن نوف. وقيل: كانت تمشي عادلة عن الطريق «قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا» فانطلق موسى معها، وقال لها: امشي خلفي، ودليني على الطريق إن أخطأت؛ فإنا بني يعقوب لا ننظر إلى أعجاز النساء «فَلَمَّا [جَاءَهُ]» جاء موسى إلى الشيخ: «وَقَصَّ عَلَيهِ الْقَصَصَ» أي: أخبره بأمره والسبب الذي له أخرج من أرضه «قَالَ» الشيخ: «لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» يعني: فرعون وقومه فلا سلطان له بأرضنا، وقيل: أوحى الله إليه بأنه نجا منهم، وقيل: إن خبره يخفى فلا يطلع عليه أحد.

  · الأحكام: تدل الآيات على أن الواجب على المرء الفرار بدينه، والتوكل على ربه.

  وتدل على حسن إغاثة الضعفاء.

  ويدل قوله: {عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} على عظم موقع الحياء في الدين وورد الشرع عن رسول الله ÷: «الحياء نصف الإيمان».

  ويدل قوله: {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا} على إباحة كلام الأجنبيات عند الحاجة والأمن على النفس.

  ويدل قوله: {مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} على تلطف في السؤال.

  وتدل أن المجازاة على الإحسان حسن.

  وتدل على بشارة بالنجاة من الظلمة.

  وتدل أنها نعمة.

  وتدل أن الظلم فِعْلُ العبد؛ ليصح النجاة بالهرب.