قوله تعالى: {وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ياموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين 31 اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين 32 قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون 33 وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون 34 قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون 35}
  قرأ أبو جعفر ونافعِ: «رِدًا» بغير همزة، الباقون بالهمز، فمن قرأه بالهمز فالمعنى عونًا، يقال: رَدَأْتُهُ أوْدَؤُهُ رِدْءًا، وأَوْدَأْتُهُ: أعَنْتُهُ، وفلانٌ رِدْؤُهُ، وأصل الردأة الهلاك، فكأنه يعينه في دفع الردأة عنه، ومن ترك الهمز، فأراد زيادة، قال الفراء: تقول العرب: الغنم تردى على مائة، أي: تزيد، ويُقال: أَرْدَيتُ الخبر؛ أي: زِدْتَ.
  · اللغة: الاهتزاز: شدة الاضطراب في الحركة.
  والجانّ: الحيَّة، أخذ من الجُنَّة وهو الاختفاء.
  والبرهان: البيان.
  والسلطان: القوة التي يتسلط بها على الأمر، ثم تكون بالحجة وتكون بالقوة.
  · الإعراب: «لِسَانًا» نصب على التمييز.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حال موسى لما أتى الطور، فقال سبحانه: «وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ» هذا أمر بالإلقاء، وفي الكلام حذف، أي: [ألقاها] من يده «فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ» تتحرك «كَأَنَّهَا جَانٌّ» الجان: الحية الصغيرة، والثعبان: الحية العظيمة، وقيل: انقلبت بإذن الله تعالى ثعبانًا عظيمًا تهتز كأنها جان في سرعة حركتها وشدة اهتزازها «وَلَّى» موسى «مُدْبِرًا» أي: هرب من موضعه يرجع وراءه «وَلَمْ يُعَقِّبْ» لم يرجع إلى ذلك الموضع الذي هرب منه، فنودي «يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ» قيل: لا تخف الثعبان، إنك آمن من أذاه، وقيل: آمِنٌ مِنْ كل شيء، ولا تخف شيئًا، فإن الرسل لا يخافون، وقيل: أمره أن يدخل يده في فمها، ففعل فصار ثعبانًا، عن أبي علي. قال تعالى: {خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}[طه: ٢١]، «اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيبِكَ» أدخل يدك