قوله تعالى: {وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ياموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين 31 اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين 32 قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون 33 وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون 34 قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون 35}
  في جيبك، قيل: كان عليه قميص لا كم له «تَخْرُجْ بَيضَاءَ» قيل: كانت تتلألأ كالقمر «مِنْ غَيرِ سُوءٍ» من غير برص وعلة «وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ» قيل: جناحك: يدك، عن ابن عباس، ومجاهد. والرَّهْبُ: الرعب الذي لحقه من الحية، عن قتادة، ومجاهد. واختلفوا في معنى الآية، فقيل: هو مثل للأمن وحسن استعارة، فإن الطائر إذا خاف لم يلزم موضعه، ولم يضم جناحه، وإذا أمن ضم جناحه، فجعله مثالاً توسعًا، والعبارة عن الأمن، وأَزِلِ الخوف عن قلبك وكنْ آمنًا، وقيل: وجه الاستعارة أن من شأن الخائف أن يضطرب قلبه، ويرتعد بدنه، وضَمُّ الجناح هو من السكون، كأنه قيل: سكن روعك واخفض [عليك] جأشك، وقيل: معناه إذا هَاَلَك أمر يدك وما ترى من شعاعها فأدخلها في جيبك تَعُدْ إلى حالتها الأولى، وقيل: أمره أن يضم يده إلى صدره ليذهب ما ناله من الخوف من الحية، وقيل: أراد بالجناح عصاه، وقيل: الرهب: الكُمُّ بلغة حمير وبني حنيفة، حكاه الأصمعي، يعني: اضمم إليك يدك وأخرجها من الكم، لا يتناول العصا ويده في كمه. وقيل: هو يتصل بقوله: «مِنَ الرَّهْبِ»، وقيل: تخرج بيضاء من الرهب من الكم، والأوجه الأول؛ لأنه يستقيم الكلام من غير تقديم وتأخير «فَذَانِكَ» أي: العصا واليد البيضاء «بُرْهَانَانِ» أي: حجتان.
  ومتى قيل: على ماذا؟
  فجوابنا: على التوحيد والنبوة؛ لأن قلب العصا حية مما لا يقدر عليه غيره، فيدل على صانع مدبر، وهو اختص بموسى وبعثته، فدل على نبوته.
  «إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ» أي: إلى فرعون وقومه، والملأ: الجماعة، وقيل: الأشراف «إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ» خارجين عن حد الطاعة، ف «قَالَ» موسى «رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا» وهو القبطي «فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ» به، وقيل: لما سكن روعه واطمأن قلبه، وعلم أنه مبعوث إلى فرعون وتفكر فيما يلزمه من القيام بالرسالة سأل ربه التمكين من أداء الرسالة والأمن من القتل؛ فأجيب إلى ذلك.