التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين 83 من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون 84 إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين 85 وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين 86 ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين 87 ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون 88}

صفحة 5539 - الجزء 8

  كيسان. «لَهُ الْحُكْمُ» قيل: القضاء النافذ في خلقه، وقيل: له الحكم يوم القيامة حيث لا حكم لأحد غيره، عن أبي علي. وقيل: إنه الحاكم فلا حاكم إلا هو أو من جعل هو الحكم إليه «وَإلَيهِ تُرْجَعُونَ» إلى حكمه مصير الخلق.

  · الأحكام: يدل قوله: {تِلْكَ الدَّارُ}، وقوله: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} أن الجنة تنال بترك العلو والفساد، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ والمرجئة.

  ويدل قوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} أن أحدًا لا يجازى إلا بذنبه، وذلك أيضًا يبطل قول الْمُجْبِرَةِ.

  ويدل قوله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ} الآية. على نبوته من حيث وعد وعدًا، فكان كما وعد عام الفتح، هذا إذا حمل على العود إلى مكة، وهو قول أبي علي، وعندنا لا تنافي بين المعنيين، فيحمل عليهما.

  ويدل قوله: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ} على التحذير من معاصيه.

  ويدل قوله: {فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا} على وجوب معاداة أهل الباطل، وهذه الآيات وإن كانت خطابًا له ÷ فالمراد غيره، وكان ابن عباس يقول: القرآن كله إياك أعني، واسمعي يا جارة.

  ويدل قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} أن الأجسام تفنى ثم تعاد على ما يقوله مشايخنا في الفناء والإعادة، وإذا كانت الأجسام باقية والقدرة لا تتعلق بالإعدام، خلاف ما يقوله أبو الحسين الخياط - والباقي لا يبقى ببقاء، خلاف قول البغدادية؛ لم يبق إلا أن يفنيها بضد، وهو الفناء.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم من وجوه:

  منها: قوله: {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}.