التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون 21 وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 22 والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم 23 فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون 24 وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين 25}

صفحة 5557 - الجزء 8

  · القراءة: اختلف القراء في قوله: {مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} على أربع قراءات:

  أولها: قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب: «مَوَدَّةُ» رفع غير منونة {بَينِكُمْ} خفض بالإضافة، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم على معنى: إن الَّذِينَ اتخذتم من دون الله أوثانًا هي مودة بينكم في الدنيا، ثم يوم القيامة تنقطع المودة ولا تنفع، كقوله: {سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ}⁣[الأحقاف: ٣٥] أي: هو بلاغ، وكقوله: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ٦٩ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ٧٠}⁣[يونس: ٦٩ - ٧٠]. أي: هو متاع، كذلك هاهنا هي مضمرة.

  وثانيها: قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر وعاصم في بعض الروايات عن أبي بكر عنه: «مَوَدَّةً» منصوبة منونة «بَيْنَكُمْ» بالنصب على معنى: اتخذتم بينكم مودة.

  وثالثها: قرأ حمزة وحفص: «مَوَدَّةَ بَينِكُمْ» للإضافة.

  ورابعها: قرأ عاصم في بعض الروايات عن أبي بكر عنه: «مَوَدَّةٌ» مرفوعة منونة، (بَينَكُم) نصبًا، وهو معنى القراءة الأولى.

  · اللغة: القلب: الرد والرجوع إلى حالة أخرى، فيقلبون: يردون إلى حال الحياة في الآخرة بحيث لا يملك النفع والضر إلا الله تعالى، والقلب: نفي الحال بحال تخالفها وأصله من القلب.

  والولي: الذي يتولى المعونة لغيره بنفسه.

  والنصير: الذي ينصره لنفسه ولغيره.

  واليأس: انقطاع الطمع [وهو] ضد الرجاء.

  واللعن: الطرد والإبعاد من الرحمة.