قوله تعالى: {فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم 26 ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين 27 ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين 28 أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين 29 قال رب انصرني على القوم المفسدين 30 ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين 31 قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين 32 ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين 33}
  «النُّبُوَّةَ» فلم يكن بعده نبي إلا من ذريته «وَالْكِتَابَ» أراد جنس الكتب كالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان «وَآتَينَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا» الثناء الحسن والولد الصالح، عن ابن عباس. وقيل: هو ما أوجب من تعظيمه ومدحه وإبقاء الذكر الجميل، عن أبي علي. وقيل: هو الأمن والسلامة في الموضع الذي ذهب إليه والنعم السابغة عليه «وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ» أي: معهم وفي جملتهم وهم الأنبياء «وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ» قيل: القبيح الشنيع «مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ» من الخلق، يعني: أنتم أخذتم هذه الفاحشة. ثم فسر الفاحشة فقال: «أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ» في أدبارهم «وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ» قيل: كانوا يقطعون الطريق لأخذ أموال الناس، وقيل: للعمل الخبيث؛ لأنهم كانوا يطلبون الغرباء. وقيل: يقطعون سبيل الولد بإتيان الذكران «وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ» مجالسكم «الْمُنكرَ» قيل: هو الضراط في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء، عن ابن عباس، والقاسم بن محمد. وقيل: كانوا يَخْذِفُون من مر بهم يسخرون منهم، عن السدي، وروي مرفوعًا. وقيل: كانوا يأتون الرجال في مجالسهم يرى بعضهم بعضًا، عن مجاهد. وقيل: كانوا يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل منهم قصعة فيها حَصًى، وإذا مر بهم عابر سبيل خذفوه، فأيهم أصابه كان أولى به، وروي مرفوعًا. وقيل: كانت مجالسهم تشتمل على أنواع القبائح كالشتم والصَّفْع والسُّخْف والقمار وضرب المِخْرَاق وخذف الأحجار من مر بهم، وضرب المعازف والمزامير، وكشف العورات واللواط، فلما نهاهم لوط وهددهم أجابوه بجواب الجهال، فقال تعالى: «فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ» الذي توعدنا به، وإنما استعجلوا ذلك تكذيبًا له «إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» أن العذاب نازل بنا، وقيل: إن كنت من الصادقين في نبوتك، فعند ذلك دعا عليهم فـ «رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ» فأجاب الله دعاءه؛ لأنه كان بإذن منه، فقال سبحانه: «وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى» لما بعث الملائكة لإهلاك قوم لوط