قوله تعالى: {ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين 33 إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون 34 ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون 35 وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال ياقوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين 36 فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين 37 وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين 38 وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين 39}
  لنجاتك وهلاكهم «إِنَّا مُنَجُّوكَ» أي: مخَلِّصوك «وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ» الباقين في العذاب. «إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ» وهي الحجارة التي أمطرت عليها «بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ» أي: بفسقهم وخروجهم عن أمر الله تعالى «وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً» أي: حجة وعلامة، قيل: يستدل بها العاقل على شدة البطش وقدرته سبحانه على ما يشاء، عن أبي مسلم. وقيل: تدل على وجوب الاحتراز عن مثل أفعالهم. وقيل: على توحيده. «بَيِّنَةً» ظاهرة، قيل: هو الخبر عما نزل بهم، وقيل: هي آثار منازلهم الخربة، عن ابن عباس. وقيل: هي الحجارة التي ألقاها الله تعالى، عن قتادة، وأبي العالية. وقيل: هي الماء الأسود على وجه الأرض، عن مجاهد. «لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» أي: يستعملون عقولهم ويتفكرون، وقيل: للعقلاء؛ لأنهم المكلفون. «وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا» أي: وأرسلنا إلى مدين «أَخَاهُمْ» في النسب «شُعَيبًا» قيل: مدين قومه، والمراد أرسلنا في أهل مدين، وقيل: مدين اسم، وهو مدين بن إبراهيم، والمراد أولاد مدين، فذكر مدين توسعًا، عن أبي علي. «فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ» قيل: بالدعاء إلى التوحيد وإخلاص العبادة على عادة الأنبياء «وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ» قيل: ارجوا اليوم الآخر وثواب الله تعالى، عن أبي علي. وقيل: انتظروا اليوم الآخر وآمنوا به، عن أبي مسلم. وقيل: اخشوا اليوم الآخر وما فيه من العذاب «وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» أي: لا تسعوا في الأرض بالفساد من التطفيف وغيره، وقيل: من الشرك والكفر وسائر المعاصي، فلما أصروا ولم يتعظوا قال الله تعالى: «فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ» الزلزلة وعقاب يوم الظُّلَّةِ، ومدين مسكونة، فدل أن بعض ديار المعذبين قد تُسْكَنُ «فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ» قيل: كُبُّوا على وجوههم هالكين، وقيل: جاثمين على ركبهم في بيوتهم لا طريق لهم إلى النجاة، وقيل: ساقطين بعضهم على بعض، عن قتادة. «وَعَادًا» هم قوم هود «وَثَمُودَ» وهم قوم صالح «وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ» يعني: ظهر لكم من آثارهم وبقايا ديارهم وصنع الله بهم في إهلاكهم «وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ» أي: زين ما هم فيه من الضلال حتى اعتقدوا أنهم في الحق وأنه باطل «فَصَدَّهُمْ» أي: صرفهم «عَنِ السَّبِيلِ» أي: طريق