قوله تعالى: {فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون 40 مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون 41 إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم 42 وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون 43 خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين 44 اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون 45}
  أقوى لطف يدعو إلى الطاعة وترك المعصية فهو أكبر من كل لطف؛ إذ لا لطف إلا وهو دون ذكره. وقيل: دعاء الله وذكره هو الأعلى، عن أبي مسلم. يعني: ذكر الله والدعاء إليه. وقيل: ذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته، عن ابن عباس، وابن مسعود، وسلمان، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وروي مرفوعًا. وقيل: لأن ذكر الله على وجه الاستغناء وذكر العبد على وجه الافتقار، ولأن ذكرنا له واجب، وذكره لنا فضل وكرم. وقيل: ذكر العبد لربه أفضل من جميع أعماله، عن سلمان بخلاف، وقتادة، وابن زيد، وروي ذلك عن أبي الدرداء. وقيل: ذكر الله في الصلاة أكبر من الصلاة، عن أبي مالك. وقيل: ذكر الله والصلاة التي أنت فيها أكبر مما تنهاك عنه الصلاة من الفحشاء والمنكر، عن ابن جرير. وقيل: ذكر الله أكبر من أن يقع مع المعصية، وقيل: ذكر الله لهم بالمغفرة خير من ذكرهم إياه بألسنتهم «وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ» أي: تعملون، قيل: في صلاتكم من الخشوع والانتهاء عن الفحشاء والمنكر وهو جميع المعاصي، وقيل: عليم بما تعملون من الخير والشر فيجازيكم بحسبه.
  · الأحكام: يدل قوله: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} أن أحدًا لا يؤخذ بذنب غيره، وأن أخذهم جزاء على أعمالهم لا على جهة الابتداء، وأنهم أُتُوا من جهتهم لا من جهة الله تعالى، فدل على أنه لم يخلق الكفر، ولا خلق القدرة الموجبة للكفر، ولا أراد منهم الكفر، ولا خلقهم للكفر، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في هذا الوجه.
  ويدل قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} على أن الظلم لا يقع منه، وأن القوم ظلموا أنفسهم، فيبطل قولهم في المخلوق والاستطاعة والإرادة.
  ويدل قوله: {مَثَلُ الَّذِينَ} على صحة النظر والاعتبار بطريقة الأشباه.