قوله تعالى: {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون 52 ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون 53 يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين 54 يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون 55}
  · المعنى: لما تقدم طلبهم للآيات وأن القرآن كاف في المعجزات أمر رسوله بأن يحاكمهم إلى الله تعالى فهو يعلم المحق من المبطل، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد: «كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا» أني محق وأنتم مبطلون، وقيل: على أني رسوله وهذا كتابه. «يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» أي: يعلم حالي وحالكم؛ لأنه يعلم الأشياء كلها، فلا شاهد أعلم منه «وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ» قيل: صَدَّقُوا بالدين الباطل، وقيل: بالأصنام «وَكفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» أنفسهم «وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ» أي: يستعجلونك بنزول العذاب عاجلاً، وإنما قالوا ذلك استهزاء «وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُسَمًّى» أي: وقت سماه ليبقيهم إليه، وهو ما علم من الصلاح في تبقيتهم.
  ومتى قيل: ما ذلك الصلاح؟
  فجوابنا: نحن نعلم في الجملة أن فيه صلاحًا، وإن كنا لا نعلم تفاصيله.
  وقيل: لأنه يعلم أن فيهم من يؤمن، وأن يكون في نسلهم من يؤمن.
  وقيل: الأجل المسمى يوم القيامة أي: لولا ما وعدتك ألّا أعذب قومك وأؤخر عذابهم إلى يوم القيامة، عن ابن عباس؛ كقوله: {بَلِ السَّاعَةُ مَوعِدُهُمْ}[القمر: ٤٦]، وقيل: لولا مدة أعمارهم في الدنيا، عن الضحاك. وقيل: يوم بدر «لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً» أي: فجأة «وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ» بمجيئه فينالهم ما لم يتصوروا «يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ» قيل: كأنها محيطة بهم لما لزمهم بكفرهم. وقيل: إذا كان يوم القيامة تحيط بهم، وقيل: هو يتعلق بقوله: «يَوْمَ يَغْشَاهُمُ» يعني: يحيط بهم «يَغْشَاهُمُ» أي: يصيبهم «الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ» لهم توبيخًا «ذُوقُوا مَا كنْتُمْ تَعْمَلُونَ» أي: جزاء أعمالكم.
  · الأحكام: يدل أول الآيات على ذم المبتدع وعظيم ذنبه؛ لأنه مؤمن بالباطل.