قوله تعالى: {ياعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون 56 كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون 57 والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين 58 الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون 59 وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم 60}
  · اللغة: العباد: جمع عبد، وأصله: الذلة، [ومنه]: طريق معبّد، ومنه: العبادة: الذلة بأعلى المراتب، وتجوز العبودية لغير الله، ولا تجوز العبادة لغير الله؛ لأن استحقاقها لمن يقدر على أصول النعم، وتمت قدرته ونعمته وملكه.
  والذوق: ابتداء إدراك المطعوم بحاسته، فالذائق المدرك لذلك، والله تعالى يدرك المطعومات لا بالحاسة، كما يرى ويسمع لا بالحاسة، وكذلك يقال: يدرك الروائح ولا يقال: يشم، ويدرك الألم ولا يقال تألم، وإنما يقال: ذاق الموت؛ لأنه عند كربه وشدته كوجدان الذائق للطعم.
  [والتَّبوُّءُ]: اتخاذ منزل يأوي إليه، وأصله: الرجوع، ومنه: {وَبَاءُو بِغَضَبٍ}[البقرة: ٦١].
  · الإعراب: الفاء في قوله: {فَاعْبُدُونِ} قيل: دخل للجزاء تقديره: إن ضاق بكم موضع فإياي فاعبدون؛ لأن أرضي واسعة.
  (إيَّايَ) منصوب بمضمر تفسيره ما بعده، وهو قوله: {فَاعْبُدُونِ}.
  {ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} جر على الإضافة، ويجوز لغير الإضافة.
  {وَكَأَيِّنْ} أي: كم.
  · النزول: قيل: نزل قوله: {يَاعِبَادِيَ} الآية، في المستضعفين من المؤمنين كانوا بمكة، ولا يقدرون على إظهار الإيمان، فحثهم على الهجرة، عن مقاتل، والكلبي.
  وقيل: نزل قوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ} في قوم كانوا بمكة يؤذيهم المشركون، فأمروا بالهجرة، فقالوا: كيف نخرج إلى المدينة وليس لنا بها دار ولا عقار، فمن يطعمنا ويسقينا؟! فأنزل الله تعالى هذه الآية.