قوله تعالى: {الم 1 غلبت الروم 2 في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون 3 في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون 4 بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم 5 وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون 6 يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون 7}
  غالبون في الثاني. وقرأ أبو عمرو وأبو سعيد الخدري والحسن وعيسى بن عمر: «غَلَبَتِ» بفتح الغين واللام «سَيُغْلَبُونَ» بضم الياء وفتح اللام، قالوا: نزلت هذه الآية حين أخبر الله نبيه عن غلبة الروم فارس، والأولى أنه أخبر عن غلبة فارس ووعد بغلبة الروم.
  والقراءة الظاهر: {أَدْنَى}، وعن سعيد بن جبير: «أَدَانِي» بألف بين الدال والنون على الجمع، وقيل: سيغلبهم المسلمون في بضع سنين، وعند انقضاء هذه المدة أخذ المسلمون في جهاد الروم، وعن أبي الدرداء: سيجيء قوم يقرؤون: «غَلَبَتِ الروم» وإنما هو: «غُلِبَتِ» يعني: بضم الغين.
  والقراءة الظاهرة: {غَلَبِهِمْ} بفتح اللام، وقرأ أبو حيوة الشامي بسكون اللام، وهما لغتان، كالظَّعَن والظَّعْن، وقد بينا أنه لا يجوز القراءة إلا بالظاهر المستفيض.
  · اللغة: الغلبة: الاستعلاء على القِرْنِ غلب يغلِب، فهو غالبٌ والشيء مغلوب: معرض للغلبة، وغالبه مغالبة، والغَلْبُ والغَلَبَةُ مصدران، مثل: الجَلْبِ والجَلَبَة، عن الزجاج.
  وقيل: هو الغلبة، وحذفت الهاء للإضافة كما قيل: {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ}[البقرة: ١٧٧] عن الفراء، والأول أوجه.
  والبضع: القطعة من العدد ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهو من بضعته: إذا قطعته بضعًا، ومنه: البضاعة: القطعة من المال تدور في التجارة، والمباضعة: تناول العضو في الجماع، والمِبْضَعُ؛ لأنه قطع به العروق.
  والأدنى: الأزيد في الدنو، وهو الأقرب، وله نقيضان، يقال: أدنى وأقصى، وأدنى وأعلى، ونقيض الأقرب: الأبعد.