التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون 17 وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون 18 يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون 19 ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون 20}

صفحة 5611 - الجزء 8

  الخمس، أي: صلوا حين تمسون وهو صلاة المغرب والعشاء الآخرة «وَحِينَ تُصْبِحُونَ» صلاة الصبح، «وَعَشِيًّا» صلاة العصر «وَحِينَ تُظْهِرُونَ» صلاة الظهر، عن ابن عباس، ومجاهد، وأبي علي. وهو الأحسن؛ لأنه خص هذه الأوقات بالذكر. وقيل: في الآية تقديم وتأخير، [والتقدير]: فسبحان الله حين تظهرون وعشيًّا وحين تمسون وتصبحون «وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» يعني: هو المستحق لحمد أهلها؛ لأنه المنعم عليهم «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ» قيل: النطفة من الإنسان والإنسان من النطفة، عن ابن عباس، وعبد الله. وقيل: المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، عن قتادة. «وَيُحْيِ الْأَرْضَ» بالنبات والثمار وأنواع النعم «بَعْدَ مَوْتِهَا» أي: كانت يابسة لا نبت عليها، وإنما أطلق اسم الحياة والموت توسعًا «وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ» أي: من قبوركم أحياء «وَمِنْ آيَاتِهِ» حججه «أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ» أي: بخلقه أباكم من تراب، عن قتادة؛ لأنه خلق أولاده منه وخلقه من تراب «ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ» أي: صيركم بشرًا من ذريته تتفرقون في الأرض، وتتصرفون على ظهرها سائر التصرفات.

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب تنزيه الله تعالى، وفي الصلاة تنزيهه؛ فلذلك حمل عليه.

  وتدل على عظيم قدرته ونعمته في خلق الأشياء؛ لذلك عدها.

  وتدل على صحة الإعادة؛ لأن مَنْ قَدَرَ على إنشاء الخلق قدر على إعادته.

  وقيل: في الآيات دلالة من ثلاثة أوجه:

  تدل على صانع حكيم قادر على ما يشاء.

  وتدل على وجوب الشكر له؛ لما له من النعم السابغة على عباده.

  وتدل على الإعادة.

  ويدل قوله: {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} على صحة القياس والحجاج.

  وتدل على أن التسبيح فِعْلُ العبد؛ لذلك أمر به.