قوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون 21 ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين 22 ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون 23 ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون 24 ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون 25 وله من في السماوات والأرض كل له قانتون 26}
  قَانِتُونَ» قيل: مطيعون في تصريفه، لا يمتنع عليه شيء فيما يريد بهم من حياة أو موت، فناء أو بقاء، إيجاد أو إعادة، صحة أو مرض، بعث أو نشور، عن ابن عباس. وقيل: قانتون يقرون بربوبيته طوعًا أو كرهًا، وقيل: القنوت الدوام، والمؤمنون دائمون على طاعته، والكافرون [وغيرهم من الفساق دائمون]، على أمر [واحد في الذلة لله ø]، فقد جمعهم أمر واحد دائمون عليه، وهو الذلة [لله ø]، إلا أن منهم بخلقته [وفعله] ومنهم بفعله، وقيل: قانتون دائمون في عرصة القيامة.
  · الأحكام: تدل جميع الأشياء المذكورة على صانع مدبر قادر عالم.
  وتدل على بطلان مذهب أصحاب الضرورة؛ إذ لو كان كما قالوا لم يكن للأمر بالتفكر معنى.
  وتدل أنه أراد من المكلف التفكر في آياته، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة.
  ومتى قيل: كيف تدل هذه الأشياء؟ وبِكَمْ وجه تدل؟
  قلنا: أما خلق البشر: فهو أنه خلق من النطفة بشرًا سويًّا عالمًا قادرًا متكلما، ثم ينقل الأحوال، ثم الحواس، فيبصر بشحم، ويتكلم بلحم، ويشم بخرم، ويعلم بلحم، ويسمع بعظم، ثم ما فيه من العروق، والأعصاب، والعظام، والعضلات، والدماء، والأعضاء، والشعور، والجلد والأصل واحد، ثم تصويره في الرحم، ثم أعضاؤه الباطنة من الحلق، والمعدة، والكبد، والطحال، والأمعاء، والقلب، ثم النماء في حال، والنقصان في حال، إلى غير ذلك من الدلائل الدالة على حدثه وصانعٍ دبره وخلقه.