قوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون 21 ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين 22 ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون 23 ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون 24 ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون 25 وله من في السماوات والأرض كل له قانتون 26}
  «وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» قيل: بين المرأة وزوجها. وقيل: بين الخلق، ويرحم الوالد الولد، والولد الوالد، والأخ الأخ من غير سبب من جهته. وقيل: هو التواد والتواصل المأمور به ليتعاونوا على فعل الطاعة «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوم يَتَفَكَّرُونَ» فيها «وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ» قيل: اختلاف الألسن هو اختلاف النغمات، وذلك لا يختلف إلا باختلاف التركيب؛ ولذلك تختلف أصوات الطيور والسباع والدواب والإنسان. وقيل: اختلاف اللغات، فهو إما أن يكون توقيفًا، فهو الذي ابتدأها، أو مواضعة فهو الذي يَسَّرَها «وَأَلْوَانِكُمْ» صوركم وهيئاتكم، فأبيض وأسود وأحمر، ولا يشبه أحد أحدًا، وهم ولد آدم، وما ذكر ذلك إلا لاختلاف تركيب لا يقف عليه أحد سواه تعالى «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالَمِينَ» المكلفين؛ لأن ذلك مما يشاهده كل أحد، وعلى قراءة حفص خص العلماء؛ لأنهم ينظرون في الأدلة فيعرفون المدلول «وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ» أي: طلبكم من نعمه «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ» الخجج «وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ» وهو نار تحدث في السحاب، وقد مضى ما قيل فيه «خَوْفًا وَطَمَعًا» قيل: خوفًا من الخَلْبِ فلا تمطر وطمعًا في المطر، عن أبي مسلم. وقيل: خوفا من المطر في السفر، وطمعًا في الحضر، أي: يخاف المسافر ويطمع المقيم. وقيل: يخاف الصاعقة ويرجو المطر. «وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ» بالنبات «بَعْدَ مَوْتِهَا» أي: يَبْسِها «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» قيل: يعلمون بأن يستدلوا، وخصهم لأنهم ينتفعون به. وقيل: تفضلاً؛ لأنهم المكلفون «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ» أي: وقوفها من غير عمد ولا علاقة، «بِأمْرِهْ»، قيل: بفعله الإمساك فيها «ثُمَّإِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ» قيل: من القبر، عن ابن عباس. وقيل: هو منادي القيامة يحييهم الله تعالى ثم يناديهم. وقيل: معناه: أخرجكم، فهو بمنزلة الدعاء إِ «ذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ» من الأرض أحياء «وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» ملكًا وخلقًا «كُلٌّ لَهُ