التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون 51 فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين 52 وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون 53 الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير 54 ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون 55}

صفحة 5636 - الجزء 8

  العوفي قال: قرأت على ابن عمر: «مِنْ ضَعْفٍ» بفتح الضاد في الثلاثة، فقرأها ابن عمر بالضم، ثم قال: قرأت على رسول الله ÷ كما قَرَأْتَ عَلَيَّ، فَأْخُذْهَا عَلَيَّ كما أخذتُها عليكَ.

  وقرأ عاصم الجحدري الأولى والثانية بالضم والثالثة: «ضَعْفًا» بالفتح جمعًا بين اللغتين، قال الفراء: الضم لغة قريش، والفتح لغة تميم.

  · اللغة: الاصفرار: لون معلوم بين البياض والحمرة، وهو في النبات قد يحصل للجفاف، فيتحول إليه عن الاخضرار.

  والإدبار: الذهاب إلى جهة الخلف، ونقيضه: الإقبال: الذهاب إلى جهة القُدَّام.

  وظل يفعل كذا، أي: دام فاعلاً له.

  · الإعراب: جواب {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا} قوله: {لَّظَلُّوا}.

  والهاء في قوله: {فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا} أي: رأوا السحاب مُصْفَرًّا على لفظة (السحاب)؛ لأنه إذا كان كذلك كان غير ممطر، وقيل: رأوا الزرع مصفرًّا، فهو كناية عن غير مذكور؛ لما في الكلام من الدلالة عليه، وقيل: رأوا الريح.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حال الكفار عند النعمة والشدة وضلالهم في الدين، فقال تعالى: «وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا» يعني: إذا مطروا واستبشروا لم يشكروا، وإذا رأوا ريحًا مصفرًا وهو العاصف الذي يحمل التراب، عن أبي علي. وقيل: رأوا سحابًا مصفرًّا لا مطر فيه. وقيل: ريحًا باردة أفسدت ما أنبت الغيث وتجرفها «فَرَأَوْهُ مُصْفَرَّا» يابسًا بعد خضرته ونضارته، عن الحسن، وأبي مسلم. «لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ» أي: