قوله تعالى: {ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون 51 فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين 52 وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون 53 الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير 54 ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون 55}
  ومتى قيل: كيف حلفوا كاذبين؟
  قلنا: فيه خلاف، فأما شيخانا: أبو علي وأبو هاشم ومَنْ تبعهما فقالوا: إنهم حلفوا على الظن، ولم يعلموا لُبْثَهُمْ في القبور، كأنهم قالوا: في ظننا أنا ما لبثنا إلا قليلاً. وقيل: استقلوا الدنيا لما عاينوا من أمر الآخرة، كأنهم قالوا: ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة فتأسفوا حيث اشتغلوا في مدة قليلة بما أوردهم بذلك العقوبة العظيمة. وقيل: يجوز أن يَكْذِبُوا لما ينالهم من الحيرة، عن أبي بكر الأخشيد. والوجه الأول.
  «كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ» قيل: كانوا يكذبون في الدنيا حيث أخبروا عَمَّا لم يعلموا هاهنا كما فعلوا في الدنيا، وقيل: معناه: يصرفون، أي: صَرَفَهُمْ جهلهم عن الحق في الدارين.
  · الأحكام: يدل أول الآيات على أن الواجب أن مَنْ أصابه شدة من جهته تعالى أن يرضى بقضائه، ويعتقد حُسْنَهُ خلاف ما يقوله هَؤُلَاءِ.
  ويدل قوله: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} أن المعارف مكتسبة.
  وتدل على مدبر حكيم، حيث نقله في الأحوال بحسب ما يرى من المصلحة.
  واستدل بعضهم بالآية على نفي عذاب القبر، قال أبو علي: وليس بشيء؛ لأنهم أرادوا لبثهم بعد انقطاع العذاب على ما بَيَّنَّا.