التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير 16 يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور 17 ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور 18 واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير 19}

صفحة 5657 - الجزء 8

  وقيل: الظاهرة: نِعَمُ الدنيا، والباطنة: نعم الآخرة. وقيل: الظاهرة: تخفيف الشرائع، والباطنة: الشفاعة، عن عطاء. وقيل: الظاهرة: محمد بَعَثَهُ إليهم بالنبوة، والباطنة: المعرفة، عن القرظي. وقيل: الظاهرة: ظهور الإسلام والنصر على الأعداء، والباطنة: الإمداد بالملائكة، عن مجاهد. وقيل: «الظاهرة: الإسلام وما حسن من خَلْقِك، وفضل عليك من الرزق، وأما الباطن: ستر عن سوء عملك»، رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه. وقيل: الظاهرة: الرزق من حيث يحتسب، والباطن: الرزق من حيث لا يحتسب. وقيل: الظاهرة: المدخل للغذاء، والباطن: المخرج للأذى. وقيل: الظاهرة: ما أعطى من النعمة، والباطنة: ما طوى ودفع من أنواع البلاء. وقيل: الظاهرة: تلاوة القرآن، والباطن: معرفته. وقيل: الظاهرة: نعمه بعدما خرجت من بطن أمك، والباطنة: نعمه عليك وأنت في بطن أمك، وقيل:

  الظاهرة: أنواع العطايا، والباطنة: غفران الخطايا. وقيل: الظاهرة: ما بين الناس، والباطنة: ما يعلمه تعالى من المصالح. ولا تنافي بين جميع ذلك كلها فيحمل عليها. «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ» يماري ويخاصم المؤمن «فِي اللَّهِ» قيل: في دينه، وقيل:

  يدعي الإلهية، أو يدعي الشرك، أو يدعي ما لا يليق به من الصفات كالتشبيه والجبر «بِغَيرِ عِلْمٍ» أي: بغير حُجَّةٍ موجبة لِلْعلم «وَلاَ هُدًى» دلالة «وَلاَ كِتَابٍ» أنزله الله تعالى في ذلك «مُنِيرٍ» أي: واضح مبين مضيء؛ لأن ما فيه من الدلالة يهتدى به، فسماه منيرًا توسعًا، عن أبي علي.

  · الأحكام: يدل قوله: {إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} أن الأعمال محفوظة للجزاء، قال الحسن: نبه به على أنه إذا كان عالمًا بمواضع هذه الحبة مع صغرها، وبحفظها عن الآفات، فكذلك يحفظ الأعمال ويجازي عليها.