قوله تعالى: {ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور 31 وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور 32 ياأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور 33 إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير 34}
  بأحوالهم، وعلماء السوء بمعالجتهم وإلقاء الشبه، ولا أحد أشد غرورًا وأعظم منهم «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ» أي: هو المختص بعلم القيامة متى يكون، فليحذر المكلف حلوله بغتة «وَيُنَزِّلُ الْغَيثَ» أي: هو يعلم متى ينزل الغيث وهو المطر، أو متى الصلاح في إنزاله «وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ» ذكر أو أنثى، واحد أم أكثر، ناقص أو كامل «وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا»، لَأنه لا يعلم بقاءه غدًا فكيف يعلم تصرفه «وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ» في أية بلد، وقيل: في أية خطوة «إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» عالم بجميع الأشياء فهو المستحق للإلهية.
  · الأحكام: يدل ذكر السفينة والبحر على صانع حكيم.
  وتدل على عظيم منزلة الصبر والشكر؛ لأن بناء الدين على هاتين، وقد قوبل هاتان الصفتان بقوله: {خَتَّارٍ كَفُورٍ}، فالأول من صفات المؤمنين، والثاني من صفات الكفار.
  ويدل قوله: {دَعَوُا} على صحة الحجاج في الدين.
  ويدل أنه يدعوه الكافر فيجيب فيما يتعلق بمصالحهم في الدنيا، وكان أبو علي يقول: ألبتة لا يجوز أن يجيب؛ لما فيه من التعظيم، وجوزه أبو هاشم لطفًا ومصلحة.
  ويدل قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} الآية، على أنه خطاب للجميع.
  وتدل على عظم حال القيامة، وكان الحسن يقول: إذا سمعت بقول الله تعالى:
  {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} فأرع سمعك فأنت تراد.
  وتدل على أن الواجب لا نغتر بأحوال الدنيا.
  وتدل على أن الخمسة التي عدها الله لا يقدر عليها غيره، والمراد تفاصيل ذلك، فأما جُمْلَةً فيعلمه غيره.