قوله تعالى: {الم 1 تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين 2 أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون 3 الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون 4 يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون 5 ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم 6}
  «مِنْ وَلِيٍّ» قيل: من مالك، وقيل: من ناصر، وقيل: مَنْ يلي أمركم «وَلَا شَفِيعٍ» أي: من يدعو لكم النصرة من غيره، كأنه قيل: لا ناصر لهم ينصرهم بنفسه أو يلتمس ذلك من غيرهْ «أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ» أي: أفلا تتفكرون في ذلك، فهو عظة بليغة لكم «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ» قيل: يدبر أمر ألف سنة في السماء والأرض، وارتقاؤه ألف سنة، وينزل به الملائكة، ثم ينتهي إليه عند انتهاء الأمر، ويصير الأمر إليه كما بدأ منه، وذلك نحو الدول والملك والممالك نحو: تغالبت وهو دوام دولته فلبث ألف سنة إلا خمسين عامًا، فبقي الأمر فيهم يتوارثون، فإذا بلغ ألف سنة ارتجع منهم فيظهر عند انقضاء المدة كأن الأمر كما دبر، والمدة: مدة التدبير، والمراد باليوم الزمان، فسماه يومًا، وإن كان مدة كثيرة، كما قال الشاعر:
  يَوْمَانِ يوْمُ مَقَامَاتٍ وَأَنْدِيَةٍ
  وإنما أراد الزمان، وتقدير الآية: «يُدَبِّرُ الأمرَ مِن السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ» أي: ينزل الملك بالوحي من السماء إلى الْأَرْض، ثم يصعد الملك إليه بالأمر في يوم واحد من أيام الدنيا في قدر سير ألف سنة، خمسمائة لنزوله وخمسمائة لصعوده؛ لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام لو سار أحد من بني آدم، فيقطعه الملك بهذا القدر، وهذا معنى قول ابن عباس، والحسن، والضحاك، ومجاهد، وقتادة، وأبي علي، وجماعة. قال الحسن: لو أمر الله أن ينفذوا بأسرع منه لفعلوا. وقيل: إن ما قاله أبو مسلم لا يصح؛ لأنه تعالى يدبر الأمر حالا بعد حال، وقال: «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ» مدة أيام الدنيا، ثم يرجع الأمر والتدبير إليه بعد انقضاء الدنيا «فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ» وهو يوم القيامة، فالمدة المذكورة مدة يوم القيامة إلى أن يستقر الخلق في الدارين، وأما قوله: {خَمْسِينَ أَلفَ سَنَةٍ}[المعارج: ٤] فإنه أراد على الكافر، فإن المقامات في القيامة تختلف، ومعنى «يَعْرُجُ إِلَيهِ» إلى الموضع الذي أمر