التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الم 1 تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين 2 أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون 3 الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون 4 يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون 5 ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم 6}

صفحة 5673 - الجزء 8

  الله الملَك بالرجوع إليه، كقوله: {ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي}⁣[الصافات: ٩٩] يعني إلى الموضع الذي أمرني ربي، يعني: أرض الشام، وكذلك قوله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ}⁣[النساء: ١٠٠] إلى المدينة، ولم يكن الله سبحانه بالشام ولا بالمدينة.

  ومتى قيل: أليس قد قال في موضع آخر: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}⁣[المعارج: ٤]؟

  قلنا: هذا النزول لفصل القضاء، والعروج إلى سدرة المنتهى وموضع الثواب، وقيل: في الأول ينزل من السماء الدنيا ويعرج إلى موضع التدبير منه في يوم، فيكون الصعود والنزول ألف سنة، ومن السماء السابعة ينزل ويعرج في يوم مقداره خمسين ألف سنة. وقيل: خمسين ألف سنة لمدة القيامة، وألف سنة للنزول والعروج. وقيل: ألف سنة للتدبير وخمسين ألف سنة لمدة القيامة «ذَلِكَ» يعني: الذي يدبر الأمر وينفذ أمره «عَالِمُ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ» أي: ما يُشَاهَدُ وما لا يُشَاهَدُ، وهو «الْعَزِيزُ» أي: القادر لا يمتنع عليه مقدور «الرَّحِيمُ» بعباده.

  · الأحكام: تدل الآيات على حدث القرآن؛ لأن القديم لا يصح عليه الإنزال.

  وتدل أنه من قبله تعالى؛ لذلك أضافه إلى نفسه.

  وتدل على أن النبي ÷ بُعِثَ وقد تقدمه فترة لم يكن فيها [نذير]، فتدل على جواز خلو المكلفين من حجة خلاف ما تقوله الإمامية وأبو علي.

  ومتى قيل: فحديث الفيل والغمامة معجزة لمن؟

  قلنا: لنبي كان في ذلك الزمان، عن مشايخنا البصرية. وقيل: إرهاصًا لنبوة محمد ÷ عن البغدادية.

  ويدل قوله: {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أن القرآن أنزل للاهتداء، خلاف ما يقوله الْمُجْبِرَة أنه أنزله ليكفر به بعضهم.