قوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون 16 فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون 17 أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون 18 أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون 19 وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون 20}
  · اللغة: التجافي: التنحي عن الشيء إلى جهة الارتفاع، والتجافي والنبو وانتباعد من النظائر، جفا عنه يجفو: إذا تباعد، وجفا السرج عن ظهر الفرس، وأجفيته أنا، ومنه: الجفاء بين الناس، فمدود: هو التباعد، خلاف البِرّ والتقارب، وأجفأت القدر زَبَدَها: أَلْقَتْهُ، وفي الحديث: «كان يجافي عضديه» أي: يباعد.
  والمضاجع: موضع الاضطجاع، وهو إلقاء النفس في جنب.
  وقرة أعين: قيل: يرى ما تقر به العين، يقال: أقر الله عينك: أنامَهَا، يقال: قر يَقَرُّ: إذا سكن. والقُرُّ: البرد، وللسرور يقال: دمعة باردة، وللْهَمِّ: دمعة حارة؛ ولذلك يقال للمدعو له: أقر الله عينه، وللمدعو عليه: أسخن الله عينه.
  · الإعراب: (ما) في قوله: «مَا أُخْفِيَ» قيل: بمعنى (الذي)، وقيل: بمعنى (أَيّ)، تقديره:
  أي. نعيم أخفي لهم، وأراد بالقرة: الحسن؛ فلذلك لم تجمع.
  ويقال: لِمَ قال: {لَا يَسْتَوُونَ} والمؤمن والفاسق اثنان؟
  قلنا: أراد الجنس، ولم يرد مؤمنًا بعينه، ولا فاسقًا بعينه، و (مَنْ) اسم مبهم يجوز أن يعبر عنه بالواحد والجمع؛ فلذلك قال: «فَاسِقًا» ثم قال: {لَا يَسْتَوُونَ}، وقيل: للتفخيم.
  ويقال: لِمَ قال: {بِهِ} والنار مؤنثة؟
  قلنا: قيل: النار تذكر وتؤنث؛ لأنه ليس في لفظه علامة التأنيث، وقيل: الكناية ترجع إلى العذاب، عن أبي مسلم.
  {نُزُلًا} نصب على الحال.
  · النزول: عن مالك بن دينار، سألت أنس بن مالك عن قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} فقال: كان أناس من أصحاب رسول الله ÷ يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة