التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون 26 أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون 27 ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين 28 قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون 29 فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون 30}

صفحة 5689 - الجزء 8

  كأنه لا يأتي على شيء إلا قطعه، ورجل جَرُوزٌ: أكول، وفيه ثلاث لغات: جُرُز وجُرْزٌ وجَرْزٌ، وجَرِزَتِ الأرض: أُكل نباتها.

  · الإعراب: يقال: أين معمول: {يَهْدِ

  قلنا: مضمر، دل عليه الكلام، تقديره: أولم يهد لهم إهلاكها، ودل عليه: {كَمْ أَهْلَكْنَا}؛ وذلك أن (كم) لا يعمل فيها [ما] قبلها إلا حروف الإضافة؛ لأنها على تقدير الاستفهام.

  {قُلْ يَوْمَ} نصب على الظرف، أي: يكون ذلك في يوم.

  · النزول: عن قتادة قال: قال أصحاب رسول الله للكفار: إن لنا يومًا ننتقم فيه ونستريح، ويحكم الله بيننا وبينكم، فقالوا: استهزاءً: متى يكون هذا الفتح؟ فنزلت الآية.

  وقيل: نزلت في يوم بدر؛ لأن المسلمين قالوا: إن الله ناصرنا، ويظهرنا عليكم.

  · المعنى: ثم وعظهم تعالى بما تقدم في الأمم، فقال سبحانه: «أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ» أي: أولم يدلهم على طريق الرشد {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} وهم يرون آثارهم «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ» عبرة وعظة «أَفَلَا يَسْمَعُونَ» وعظ الله، وقيل: أفلا يقبلون عظته، كقوله: سمع الله لمن حمده، عن أبي علي. وقيل: أفلا يتدبرون فيما يسمعون، وتقدير الكلام: أولم يدل إهلاكنا أولئك هَؤُلَاءِ على سبيل نجاتهم، فيتركوا ما صنع أولئك، فلا يحل بهَؤُلَاءِ ما حل بهم.

  ثم نبه على صحة البعث، فقال سبحانه: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ» قيل: بالسيول، عن ابن عباس. وقيل: بالسحاب «إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ» اليابسة، لا نبات عليها، وأكثر المفسرين على أنها عامة في الأرض. وعن ابن عباس: هي أرض اليمن.