قوله تعالى: {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون 26 أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون 27 ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين 28 قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون 29 فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون 30}
  «فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ» من ذلك الزرع «أَنْعَامُهُمْ» كالإبل والبقر والغنم «وَأَنفُسُهُمْ» أي: يأكلون، وهو ما يصلح لطيبه لطعام الآدميين وعلف الدواب «أَفَلَا يُبْصِرُونَ» وهذا توبيخ على ترك النظر والتدبر «وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ» لما سمعوا المسلمين استفتحوا الله عليهم قالوا: متى هذا الفتح؟! أي: هذا الحكم بيننا في الثواب والعقاب «إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»، «قُلْ» يا محمد: «يَوْمَ الْفَتْحِ» قيل: يوم بدر، عن السدي. وقيل: يوم فتح مكة، عن الكلبي. وقيل: يوم القيامة، عن مجاهد، وجماعة، وهو أوجه. «لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ»؛ لأنهم يضطرون إلى ذلك ولا ينفع «وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ» أي: لا يؤخرون في العذاب «فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ» قيل: لا تقابلهم بالأذى، وادعهم بالجميل، وقيل: «أَعْرَضُ عَنهُمْ» إعراض استخفاف «وَانْتَظِرْ» ما ينزل بهم «إِنَّهُمْ مُنتَظِرُونَ» قيل: الموت الذي يؤدي إلى ذلك، عن أبي علي. وقيل: سيأتيهم ذلك، كأنهم ينتظرونه، وقيل: انتظر ما أعد الله لك من الكرامة، وهم ينتظرون العذاب يوم القيامة؛ لأنهم علموا كونه يقينًا فيكون خاصًّا في المعاندين، وقيل: انتظر هلاكهم، فإنهم ينتظرون هلاكك.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب التدبر والمنع من التقليد.
  وتدل على أن بعد الموت لا ينفع الإيمان؛ إذ لو قبل لما بقي أحد من أهل النار.