التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما 1 واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا 2 وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 3 ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل 4 ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما 5}

صفحة 5693 - الجزء 8

  ومتى قيل: إنما أسقطوه لِداعٍ لهم، ولم يكن في غير إمامة عليٍّ داعٍ؟

  قلنا: وإن أسقطه عثمان أليس كان يقر عليٌّ بأن الدواعي في الأمور تختلف، فلئن كتموا نص عليٍّ حسدًا جاز أن يكتموا أحكامًا وشرائع لدواع أخَرَ، فيقال: نسخ الحج فكتموه؛ لئلا تنقطع الرحلة عنهم، ويقال: زيدت الصلاة فكتموها، ويقال:

  نسخت الزكاة فكتموها؛ ليتوصلوا إلى أخذ الأموال.

  ثم يقال لهم: هلا أظهر عليٌّ ما كتموه في أيامه؛ إذ لم يكن في الإسلام أمر أهم من ذلك، وهلا سرًّا.

  وبعد، فإذا لم يعلموا ذلك كيف قال: كتموا كذا؟ وكل ذلك يدل على سخف قائله، وأنه لا يرجع إلى دين، وأنه يتستر بالإسلام، ويعتقد غير الإسلام، ونسأل الله التوفيق.

  ومتى قيل: فلو صح حديث أُبيّ وعمر، هل له تأويل؟

  قلنا: القدر الذي روي عن عمر وأبيّ آية كان فيما يتلى الشيخ والشيخة، وهذا يحتمل أنه نسخ تلاوته، فأما من يقول: كانت تتلى مائتي آية، فكتمها عثمان، أو كان فيه نص علي فكتموه؟ فلا قول فيه إلا أنه من دسيس الملحدة.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ١ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ٢ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ٣ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ٤ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٥}