التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما 1 واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا 2 وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 3 ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل 4 ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما 5}

صفحة 5695 - الجزء 8

  والظهار: اسم مشتق من الظهر، ورجل مُظَهَّرٌ: شديد الظهر، وَظِهيرٌ: يشتكي ظَهْرَهُ، والظهر: خلاف البطن، وأصل الباب: الظهور، ومنه الظهور: الغلبة.

  · الإعراب: موضع (ما) في قوله: {مَا تَعَمَّدَتْ} جر، تقديره: ولكن فيما تعمدت.

  {أُمَّهَاتِكُمْ} محله نصب، تقديره: ما جعل أزواجكم أمهاتكم، فهو المفعول الثاني.

  «أَيُّ» رفع؛ لأنه نداء مفرد.

  و {النَّبيُّ} صلة لـ (أي)؛ لأنه به يتم.

  {أَدْعِيَاءَكُمْ} جمع دَعِيٍّ، فَعِيل وأفعلاء.

  · النزول: قيل: نزل قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} الآية. في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور السلمي قدموا المدينة، ونزلوا على عبد الله بن أبيٍّ بعد قتال أحُدٍ بأمان من رسول الله ÷ يكلموه، فقاموا وقام معهم عبد الله بن أبي وعبد الله بن أبي [سعد]

  وطعمة بن أبيرق، فدخلوا على رسول الله ÷، وعنده عمر بن الخطاب، فقالوا: يا محمد، ارفض ذكر آلهتنا، وقل: إن لها شفاعة لِمَنْ عبدها لِنَدَعَكَ وربك، فشق ذلك عليه، فقال عمر: ائذن لي في قتلهم، فقال ÷: «إني أعطيتهم الأمان»، فقال عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه، فأمر النبي بإخراجهم من المدينة، فنزلت فيهم.

  وقيل: قدم على رسول الله ÷ وفد من ثقيف، فطلبوا منه أن يمتعهم باللات والعزى سنة؛ لتعلم قريش منزلتنا منك، فنزلت الآية.

  فأما قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}:

  قيل: نزلت في أبي معمر الفهري، وكان رجلاً لبيبًا حافظًا لما يسمع، فقال قريش: له قلبان، وكان يقول: لي قلبان أَعْقِلُ بكل واحد منهما أفضل من عقل