قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا 6 وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا 7 ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما 8 ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا 9 إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا 10}
  الكفار تغلبهم، وبعضهم ظن أنهم يستولون على المدينة، وظن بعضهم أن الجاهلية تعود، وظن بعضهم أن ما وعد الله ورسوله من نصر المؤمنين بخلافه، وأقسام الظنون كثيرة خصوصا من الجبناء، فأما المؤمنون فكانوا واثقين بنصر الله وعلى قوة قلب وبصيرة، حتى بلغ من قوة قلوبهم أن سعد بن معاذ وسعد بن عبادة قالا للنبي ÷ لَمَّا هَمَّ بمصالحة القوم - أبي سفيان وأصحابه على نصف ثمار المدينة -: إن كان هذا وَحْيٌ فامضه، وإلا فليس لهم عندنا إلا السيف ... في قصة طويلة، ونقضوا الصلح وقالوا: كنا أهل شرك وهم لا يطمعون في ذلك إلا شِرًى أو قِرًى فكيف وقد أعزنا الله بك؟
  · الأحكام: يدل قوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ} على نفوذ حكمه عليهم، ووجوب انقيادهم له.
  وتدل أن حرمة أزواجه كحرمة أمهاتهم، ووجوب تعظيمهن.
  وتدل على تحريم نكاحهن على الأُمَّة، ولا يقال: إنهن أمهاتهم على الحقيقة؛ لأن لذلك وضع الحجاب، وأباح التزوج ببناتهن.
  فأما قول الباطنية: إن المراد بالزوج عليّ [يُطلّقُ من شاء منهن بعد موته، وأنه طلق عائشة يوم الجمل، لأنه كان] الإمام، فبعيد. لأن الظاهر لا يليق بذلك، ولا يحتمله.
  ويدل قوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ} على أن الإرث يستحق بالرحم، وأنه نسخ ما كان بالهجرة.
  ويدل على توريث ذوي الأرحام على ما قاله أمير المؤمنين وابن مسعود، خلاف ما يقوله زيد، ولا يقال: إنه يدل [على] أن الإمامة في الولادة؛ لأن الإمامة لا تُسْتَحَقُّ
  إرثًا.
  ويدل قوله: {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا} على صحة الوصية.