التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا 21 ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما 22 من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا 23 ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما 24 ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا 25}

صفحة 5719 - الجزء 8

  · الإعراب: {تَبْدِيلًا} نصب على المصدر.

  [أَوْ يَتُوبَ] قد يكون أَوْ للتخيير كقولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين، وقد يكون للشك، وقد يكون بمعنى الواو أدخل في قوله: {أَوْ يَتُوبَ}؛ لأنه علم أن منهم من يتوب فقيد الكلام، ونصب {يَتُوبَ} على معنى: ليتوب.

  · النزول: قيل: نزل قوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ} في حمزة وسبعين نفر معه صبروا حتى قتلوا، وكانوا عاهدوا الله لا يولون الأدبار، فوفوا به.

  وقيل: نزل في أنس بن النضر غاب عن بدر فشق عليه، فعاهد الله لئن شهد قتالًا ليفعلن، فلما كان يوم أحد قاتل، فقتل وبه بضع وثلاثون جراحة، عن أنس بن مالك.

  وقيل: نزل في طلحة لما ثبت مع رسول اللَّه ÷ يوم أحد حتى أصيبت يده، عن عائشة.

  وعن جابر أن رسول الله ÷ قال: «من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله».

  · المعنى: ثم حث على الاقتداء بالنبي ÷ وعلى الجهاد، فقال سبحانه: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» أي: قدوة حسنة، والقدوة الحسنة أن يقتدوا به في الصبر على الجهاد والشكر عند النعمة، والثبات في الدين، وأن يستنوا بسنته، ويعملوا بشرائعه «لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ» أي: يرجو ثوابه وجزاءه، وقيل: يخاف عقابه «وَذَكَرَ اللَّهَ كثِيرًا» أي: من عادتهم ذكر الله والتأسي بالنبي، وقيل: ذكر الله: التعظيم بذكر صفاته وأسمائه الحسنى وإخلاص الطاعة له في السراء والضراء «وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ» مع كثرتهم واجتماع كلمتهم على حرب المسلمين لم يزدهم إلا الثبات والتسليم والتوكل، فقال سبحانه: «قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ