التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا 41 وسبحوه بكرة وأصيلا 42 هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما 43 تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما 44 ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا 45 وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا 46 وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا 47 ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 48}

صفحة 5747 - الجزء 8

  بعلمه، وقيل: بأمره «وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا» يعني: يهتدى به في الدين كما يهتدى بالسراج، وقيل: أراد بالسراج الشمس، وقيل: لأن منافع الدين تتصل به وتتم، كما أن منافع الدنيا بالشمس «وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا» أي: نعمًا عظيمة «وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ» قيل: أهل مكة فيما دعوه إليه من المداهنة «وَالْمُنَافِقِينَ» من أهل المدينة وإن تلقوك بالأذى «وَدَعْ أَذَاهُمْ» أي: أعرض عن أذاهم فإني أكفيك أمرهم إذا توكلت عليّ، وقيل: أخر أذاهم إلى هذا الوقت، وقيل: اصبر ولا تكافهم على الأذى، وقيل: نسختها آية القتال «وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» [ينصرك] عليهم «وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» أي: قَيِّمًا بأمور من يتوكل عليه.

  · الأحكام: تدل الآيات على مذهب العدل من وجوه:

  منها: أمره بالذكر.

  ومنها: صفات النبي، ÷؛ لأنه كان شاهدا وداعيًا ونذيرًا لمن عصاه، وبشيرًا لمن أطاعه، وكل ذلك لا يتم إلا وللعبد فعلٌ، وكذلك قوله: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ}.

  ويدل قوله: {لِيُخْرِجَكُمْ} يعني بلطفه، فيدل على أن اللطف والهداية في الدين من جهته تعالى.

  ويدل قوله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} على أنه يخص به المؤمنين دون الفساق، فيبطل قول المرجئة.

  ويدل قوله: {وَبَشِّرِ} أن البشارة للمؤمنين دون الفساق.

  ويدل: {وَلَا تُطِعِ} الآية، على مكارم الأخلاق في المحافظة على الدين.