التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا 41 وسبحوه بكرة وأصيلا 42 هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما 43 تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما 44 ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا 45 وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا 46 وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا 47 ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 48}

صفحة 5746 - الجزء 8

  الصلاة تسبيحًا: لأن فيها التسبيح والتنزيه، قال القاضي: والأولى أنه أراد به التسبيح الذي هو التنزيه: لأنه ظاهر الكلام، ويجب في جميع الأحوال «هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيكُمْ وَمَلَاِئكَتُهُ» قيل: صلاته إيجاب الرحمة، وصلاة الملائكة الدعاء والاستغفار، وقيل: أوجب خمسة أشياء لمن أقام الصلاة: الرحمة منه، والاستغفار من الملائكة، وكونه رحيمًا عليه، وتحية السلام، والأجر الكثير في الآخرة. وقيل: الصلاة على أربعة أوجه: من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار، ومن النبي: الشفاعة، ومن المؤمنين: التحية. وقيل: «يُصَلِّي»: ينادي، عن الأخفش. وقيل: يثني «عَلَيكُمُ» ويشيع لكم الذكر الجميل، و «مَلاَتكَتُه» بالدعاء والاستغفار «لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» قيل: من الجهل الذي هو كالظلمة في الضلال منه إلى العلم الذي هو كالنور في أنه يهتدى به، وقيل: من الضلال إلى الهدى، عن ابن زيد. يعني. بألطافه وهدايته وأمره، وقيل: من ظلمة النار إلى نور الجنة «وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا» يعني: بالرحمة، وهو الثواب والجنة «تَحِيَّتُهُمْ» يعني: تحية المؤمنين «يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ» يعني يلقون جزاءه، فذكر لقاءه وأراد: لقاء جزائه، وليس من الرؤية في شيء، كما قال: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}⁣[التوبة: ٧٧] [وقال النبي] ÷: «من حلف على يمين كاذبة. لقي الله وهو عليه غضبان»، وقيل: يلقون ملك الموت كناية عن غير مذكور، عن البراء بن عازب، قال: يوم يلقون ملك الموت لا يقبض روح مؤمن إلا سلم عليه، وقيل: هو الملَك الذي يأتيه عند خروجه من قبره. واختلفوا في وقت هذه التحية، قيل: يوم يرون الملائكة عند اليأس، وقيل: إذا خرجوا من قبورهم، وقيل: إذا دخلوا الجنة، وقيل: يوم القيامة «سَلاَمٌ» قيل: يقولون سلام عليكم من جميع الآفات، والمراد أنه يبشره بالسلامة «وَأَعَدَّ لَهُمْ» أي: هَيَّأَ وادَّخر «أَجْرًا كَرِيمًا» جزاء حسنًا وهو الجنة «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا» على الخلق بالقبول والرد «وَمُبَشِّرًا» للقابلين عنه بالثواب «وَنَذِيرًا» مخوفا لمن يرده بالعقاب. «وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ» إلى توحيده وطاعته «بِإِذْنِهِ» قيل: