قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا 49 ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما 50}
  قلنا: ليس علينا بيان وجوه المصالح؛ لأن الله تعالى هو الذي يعلم تفاصيل ذلك. وقيل: المصلحة فيه كي يكثر دخولهن في الإسلام من غير حشمة. وقيل: ليقع العلم بخبرهن. وقيل: ليكن معلمات للنساء في الدين، وقيل: ليس أحد يبني للشر من النساء، وليست حالة أدعى لهن إلى ذلك من حالة مخالفة المضرات.
  فأمر بتزوج النساء ليعلم أن أمره وحي وإلهي، وليس من جهته، ولو كان من جهته لأفشين ذلك؛ لأن كل محتال يختار الخلوة والإفراد لما يحتاله، ولا يظهر خصوصًا للنساء كما فعل زردشت وغيره.
  ويدل قوله: {اللَّاتِي هَاجَرْنَ} أن الهجرة كانت شرطًا في الإباحة، وقيل: إنما هو للحث على الهجرة، وقيل: كانت شرطًا في الجواب، ثم وردت الإباحة من بعد.
  وعن أم هانئ: خطبني رسول الله ÷ فاعتذرت، ثم نزلت الآية، فلم أحل له؛ لأني لم أهاجر معه.
  ويدل قوله: {إِن وَهَبَتْ} أن النكاح بلفظ الهبة جائز، واختلفوا في نكاح النبي ÷ بلفظ الهبة، فقال أبو حنيفة: ينعقد، [وللشافعي] وجهان، فأما نكاح غيره فعند أبي حنيفة يجوز، وعند الشافعي لا يجوز، وعلى هذا الخلاف لفظ التمليك، ولفظ البيع.
  ومتى قيل: إن قوله: {أَحْلَلْنَا لَكَ} منسوخ بقوله: {لَّا يَحِلُّ}؟
  قلنا: غلط؛ لأنه لا تنافي بين الآيتين، ولأنه يتصل به والقصة واحدة، فكيف يصح دعوى النسخ؟
  وتدل على أن استباحة المباحات لا تؤثر في الزهد، وأن ترك المباحات ليس من الزهد، وإنما يتعلق بترك الحرام والمعاصي.