قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا 49 ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما 50}
  فأما قوله تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ} يدل على وجوب المتعة في المطلقة قبل المسيس، ولا خلاف أن المطلقة قبل المسيس والفرض تجب لها المتعة، واختلفوا في غيرها، فعند أبي حنيفة لا تجب، والمطلقة بعد المسيس الفرض يجب لها مهر المثل، وبعد الفرض والمسيس لها المهر، وبعد الفرض. قبل المسيس يجب نصف المفروض، وعند الشافعي يجب لكل مطلقة، والذي يدل على صحة مذهب أبي حنيفة آية سورة البقرة.
  واستدلت الشافعية بقوله: {وَسَرِّحُوهُنَّ} أن هذه اللفظة صريح في الطلاق، وعند أبي (حنيفة) كناية، والظاهر يقتضي الأمر بالتسريح الجميل، وذلك يكون بالفعل لا بالقول، ولأن القرآن ورد بالصريح والكناية.
  واستدلوا أيضًا بالآية على أن عقد الطلاق قبل النكاح لا يصح على ما يقوله أبو حنيفة، حيث رتب الطلاق على النكاح، وهذا لا يصح؛ لأن الظاهر أن من ينكح ويطلق قبل المسيس حكمه كذا، ولا يدل على خلافه فهو موقوف على الدلالة، على أنا لا نثبت طلاقًا قبل النكاح، وإنما نثبت العقد، ثم يقع الطلاق عقيب النكاح، ولأن العاقد للطلاق لا يسمى مطلِّقًا، ولأنا نقول: المعلق للطلاق بالشرط كالموقع عليه الشرط.
  فأما قوله: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} يدل على أنه مباح له النساء من غير اعتبار عدد، وقيل: إنه اختص بقوله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}، وقيل: لم يحرم، وسنبين ذلك.
  ومتى قيل: الإفراط في النكاح يؤدي إلى الضر؟
  قلنا: لا، وإنما تكون المصلحة في ذلك وإن لم نعلم نحن تفاصيل المصلحة، فإن المصلحة لنا في أربع، وله المجاوزة.
  ومتى قيل: فأي وجه قِبَلَ ذلك؟