التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما 51 لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا 52 ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما 53 إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما 54 لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا 55}

صفحة 5759 - الجزء 8

  وقيل: إذا لم يكن لواحدة نصيب معلوم في القسم وكن في حكم الزوجية سواء لا تفاضل بينهن؛ كان ذلك أقرب إلى أن تقر أعينهن. وقيل: إذا علمن أن ميله إلى بعضهن أكثر ثم يعزل ويترك المعزولة مع ميله إلى غيرها قرت أعينهن إذا علمت أن حالها كحال غيرها معه، وقيل: نزول الرخصة للنبي ÷ أقرب إلى أن يرضين بكل ما يعاملهن «وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكمْ» قيل: معناه في قلب الرسول وفي قلوبهن من العدل والإنصاف والرضا بالحكم وبأمر الله من الجانبين. وقيل: الله أعلم بما في قلوب الرجال من الميل إلى النساء، فجعل إليه الإرجاء والإيواء. «وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ

  شَيءٍ» من مصالح عباده «عَلِيمًا» فيتجاوز عنهم فلا يعجل العقوبة فهو حليم «لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ» أي: من بعد التسع اللاتي كن عنده واخترنه، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، وأبي علي. لما اخترن الله ورسوله جازاهن بذلك أن يقتصر عليهن، ولا يستبدل بهن كما قَصَرْنَ أنفسهن عليه؛ لأنهن تركن زينة الدنيا لأجله فوجب أن يدع هو ما يعجبه لأجلهن، وقيل: لا، بل حرم عليه ما عدا اللواتي ذكرن بالتحليل في قوله: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} الآية، عن أُبَيٍّ بن كعب، وعكرمة، والضحاك. وقيل: لا تحل النساء من غير المسلمات كاليهوديًّات والنصرانيات، فحرم عليه ذلك؛ لأنه لا ينبغي أن يكن أمهات المؤمنين، عن مجاهد، وسعيد بن جبير. وقيل: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} يعني: الإماء بالنكاح، عن أبي رزين. «وَلاَ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ» قيل: بالتسع اللائي اخترنه، عن ابن عباس، والحسن، وأبي علي. وقيل: لا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى، عن مجاهد. وقيل: ولا أن تبدل ما لم يحل بما أحل لك مما تقدم تحليله. وقيل: ولا أن تبدل بهن من أزواجك اللاتي هن في حبالك بأن تطلقهن وتنكح غيرهن، عن الضحاك. فحرم عليه طلاقهن لإنكاح غيرهن، واختلفوا فيما حرم، فقيل: مما فات حتى أحل له النساء، عن عائشة. وقيل: على هذا التحريم مضى رسول الله ÷. وقيل: كانت العرب تتبادل بأزواجها فنهى اللَّه عن ذلك، عن ابن زيد. «وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنهُنَّ» وقيل: من غير التسع، وقيل: من غير