التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما 56 إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا 57 والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا 58 ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما 59 لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا 60}

صفحة 5767 - الجزء 8

  كان ناس إذا خرتب سرية أرجفوا بأنهم قُتُلِوا وهزموا، ويقولون: أتاكم العدو، ونحو ذلك، وقيل: كانوا يحبون أن يفشوا الأخبار والفاحشة في الَّذِينَ آمنوا؛ إذ في الكلام حذف، أي: ينتهوا عن أذى المؤمنين والإرجاف بما يشغل قلوبهم «لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ» قيل: لنسلطنك عليهم، عن ابن عباس. وقيل: لنأمرن بقتلهم وإجلائهم عن المدينة، وقيل: جعل الإغراء بهم بقوله: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}⁣[التوبة: ٧٣]، وقيل: لم يحصل الإغراء؛ لأنهم انتهوا، فالأول قول أبي مسلم، والثاني قول أبي علي، قال: ولو حصل الإغراء لقتلوا وشردوا وأخرجوا «ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا» أي: في المدينة «إِلَّا قَلِيلًا» حتى يُقْتَلُوا أو يخرجوا.

  · الأحكام: تدل الآية الأولى على عظم محل النبي ÷، وتدل على وجوب الصلاة عليه، واختلفوا، فقيل: تجب في العمر مرة، ذكره الطحاوي. وقيل: بل تجب في كل صلاة، وهو قول (الشافعي)، وقيل: تجب في كل موضع ذُكِرَ، عن أبي مسلم. وقيل: لا تجب ويكفي الاعتراف بنبوته واعتقاد تعظيمه، ويندب إلى الصلاة عليه، فظاهر الآية يدل على الوجوب، وليس في الآية موضع الوجوب، فلا دليل للشافعية فيها في وجوب الصلاة في التشهد.

  ومتى قيل: ماذا نفعله بالصلاة عليه؟

  قلنا: نعتقد تعظيمه ÷ ونسأل الله له التعظيم في مقابلة عِظَمِ حقه بالهداية.

  ومتى قيل: فما يحصل له بدعاء المؤمنين؟ وما يحصل لهم؟

  قلنا: يحصل له زيادة نعمة وتعظيم، ويظهر تعظيم المؤمنين بإجابة دعائهم، وهذا كما نقول في شفاعة المؤمنين.

  ومتى قيل: هل تجب الصلاة على آله؟