التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما 56 إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا 57 والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا 58 ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما 59 لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا 60}

صفحة 5766 - الجزء 8

  طعنوا عليه لما تزوج صفية، عن ابن عباس. وقيل: [بترك سنته]، ومخالفة شريعته، وهو الوجه. «لَعَنَهُمُ اللَّهُ» أي: أبعدهم عن رحمته «فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا» يذلهم وهو نار جهنم «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكْتَسَبُوا» أي: من غير أن عملوا ما يوجب أذاهم «فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا» أي: كذبًا «وَإِثْمًا مُبِينًا» أي: ظاهرًا، والإثم: المعصية، وقيل: عقوبة المعصية، والمراد بالبهتان: جزاء البهتان وهو الكذب على غيره ويواجهه به «يَا أَيُّهَا النَّبِي قُل لأزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ» وكان لرسول الله ÷ تسعة أزواج: عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب، وصفية، وميمونة، وأمّ حبيبة اسمها رملة، وسودة، وجويرية، مات عنهن، وكان له أربع بنات: فاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، زَوَّجَ زينب من أبي العاص بن الربيع، ورقية وأم كلثوم من عثمان واحدة بعد أخرى، وزوَّج فاطمة من علي، وكان خطبها جماعة فأبى «وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ» أي: يقربن «عَلَيهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَ» أي: يستترن به، قيل: الجلباب: خمار المرأة؛ وهي المِقْنَعَةُ تغطي جيبها ورأسها، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: الجلباب الملحفة تدنيها على وجهها، عن الحسن. وقيل هو الثياب: القميص والخمار وما تستر به المرأة، عن أبي مسلم، وأبي علي. وقيل: الجلباب: ما تستتر به المرأة من دون الخمار والثياب. فأمر الله تعالى نساء المؤمنين في البيوت بالحجاب وخارج البيوت بالجلباب ليتميزن عن غيرهن «ذَلِكَ أَدْنَى» أقرب «أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ» قيل: يعرفن بالحرية فلا يؤذين، بخلاف الإماء. وقيل: يعرفن بالستر والصلاح، عن أبي علي. وقيل: يعرفن بأنهن من المؤمنات دون النساء الكافرات والمنافقات، عن أبي مسلم. أن يعرفن فلا يؤذيها فاسق أو منافق، «وَكَانَ اللَّهُ»، إخبار عن عادته في الرحمة. والمغفرة «غَفُورًا» للعاصي «رَحِيمًا» لمن أطاعه «لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ» أي: يمتنع «الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ» قيل: فُجُورٌ، وقيل: شك، عن أبي مسلم. وقيل: ضعف وقلة يقين، عن أبي علي. قيل: لما يرى من أحوال رسول الله ÷ وظهور أمره «وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ» أي: يخبرون بالكذب والباطل، قيل: