التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها 69 ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا 70 يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما 71 إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا 72 ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما 73}

صفحة 5772 - الجزء 8

  · اللغة: الأذى: ما يؤذي غيره من فعل أو قول يكرهه، آذى يؤذي إيذاءً، والأذى: موج البحر؛ لأنه يتأذى به.

  والبراءة: أن يَبْرَأَ من الشيء فلا يبقى عليه عهده، ومنه: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}⁣[التوبة: ١] أي: هذه الآية، وبَرِئْتُ من المرض: خرجت منه، وأبرأته من الدين: برئ منه، وجمع بريء: بُرَآء على «فُعَلاَء»، ويجوز بَرَاء على «فَعَال»، ويجوز بِرَاء بكسر الباء مثل: طريف وطِراف، وخفيف وخِفاف.

  والوجيه: الذي له جاه.

  والشديد: البريء من خلل الفساد، والقول السديد: لا يشوبه كذب ولغو، ورجل سديد: بريء من كل عيب.

  والأمانة: عقد يجب الوفاء به.

  · الإعراب: {وَيَتُوبَ} نصب على تقدير: لكي يتوب.

  · المعنى: لما تقدم النهي عن إيذاء الرسول عقبه بذكر من آذى موسى # تسلية له، وعقب ذلك بالأمر بالقول السديد وأنه من صفات المؤمنين، فقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى» قيل: آذوه بعيب أضافوه إليه كذبًا، وروي في ذلك أنه كان شديد التستر، وكان بنو إسرائيل يَقِيلُونَ عُرَاةً فقالوا: ما يتستر هذا التستر إلا من عيب برص أو نحوه. «فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا» بأن أنزل براءته. وقيل:

  أشاعوا أن هارون قتله موسى فأحيا الله هارون حتى أخبرهم أن موسى لم يقتله، عن علي #، وهو اختيار أبي علي. وقيل: استأجر قارون مومسة لتقذف موسى بنفسها على رؤوس الملأ فعصمه الله تعالى، فأقرت المرأة بكذبها وهلك قارون، عن أبي العالية. وقيل: آذوه من حيث نسبوه إلى السحر والجنون والكذب بعدما رأوا